"قليل من الحقوق".. هكذا يتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع المهاجرين الأفارقة

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة عبرية أن المهاجرين الأفارقة في إسرائيل "فقدوا الأمل" في أن يكون الكيان المحتل الذي فروا إليه من جحيم الحروب "ملاذا آمنا"، لأنه تركهم بدلا من ذلك في طي النسيان "مع القليل من الحقوق".

وأوضحت "ذا تايمز أوف إسرائيل" أن "الحكومة الجديدة أشارت إلى أنه ليس لديها خطط لتغيير تلك السياسات في أي وقت قريب".

وعندما كان "أسومين بركة" في التاسعة من عمره، هاجمت عناصر "الجنجويد" قريته غرب إقليم دارفور، حيث كانت مليشيا الرعاة الرحل المدعومة من حكومة الخرطوم ترهب المزارعين السود في دارفور، وفي كثير من الأحيان بدعم من القصف الجوي الذي ينفذه الجيش السوداني، كجزء من حرب أهلية طويلة الأمد.

وقال بركة للصحيفة: "لقد رأيتهم يقتلون أبي وشقيقي الأكبر.. كانت المرة الأولى التي أرى فيها جثة، قتلوا النساء والرجال المسنين، لقد كانت كارثة، قتل مئات الأشخاص".

ديكتاتوريات وحشية

بركة (26 عاما) واحد من بين عشرات الآلاف من طالبي اللجوء الأفارقة الذين فروا إلى إسرائيل هربا من الحروب والديكتاتوريات الوحشية وغيرها من المصاعب.

لكن بينما وفرت لهم إسرائيل ملاذا آمنا من المذابح والقمع، فقد أثبتت أيضا عدم استعدادها للاعتراف بهم كلاجئين أو دمجهم بطريقة أخرى في المجتمع، مما يتركهم في طي النسيان أو معرضين لخطر إعادتهم إلى الجحيم الذي فروا منه.

وكانت هذه السياسة معمولا بها في إسرائيل بقيادة حكومات يهيمن عليها سياسيون مناهضون للمهاجرين، ومع ذلك، تلاشت أي آمال في أن الحكومة الجديدة التي تولت السلطة في يونيو/حزيران 2021، ستغير وضعهم، خاصة مع تعيين المتشددة المناهضة للمهاجرين أييليت شاكيد من حزب يمينا القومي وزيرا للداخلية.

وفي مواجهة حملة يبدو أنها مصممة لجعل الحياة في إسرائيل غير مريحة قدر الإمكان للمهاجرين، لم يعد الكثيرون يرون أن إسرائيل مكانا يمكن الفرار إليه، بل دولة أخرى للهروب منها.

وأكدت صوميا عمر وهي مهاجرة من دارفور: إنها تعرف بعض الأشخاص الذين عادوا حتى لمحاربة الجنجويد، قائلة: "لم يعد لدى الناس أمل في أن يتغير شيء ما.. لقد كنت هنا منذ 10 سنوات، ولا أرى أي ضوء في نهاية النفق".

وأضافت "بين عامي 2014 و2015، كان الإسرائيليون المحليون يلقون علينا بالبيض والماء ويسرقون حقائبنا، الآن نحن أفضل قليلا منذ ذلك الحين، لكن الناس ما زالوا يتعرضون للضرب، أود الذهاب إلى مكان آخر".

ولم تهدر شاكيد أي وقت في توضيح أنها "لن تتحمل أي انحراف كبير عن سياسة الحكومة القديمة فيما يتعلق بطالبي اللجوء أو المتسللين، كما تشير إليهم هي وآخرون".

وفي أول يوم لها في الوظيفة، قالت في حفل بمناسبة تسلمها المنصب: إنها "ستعمل على إعادة المتسللين إلى بلادهم وتشجيع المغادرة الطوعية إلى بلدان ثالثة آمنة".

وواصلت شاكيد تعهدها "بالعمل بكل ما أوتيت من قوة لتنفيذ سياسة هجرة مسؤولة، مع توفير استجابة مناسبة في المواقف الإنسانية التي أثبتت جدواها".

سياسة متناقضة

وتدعو سياسة الهجرة، التي صاغتها شاكيد، إلى "ضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية للأجيال القادمة".

وتضمنت الخطة، التي أعلن عنها في يناير/كانون الثاني 2021، تعديل قانون الدخول إلى البلاد لضمان عدم حصول المهاجرين على أي وضع ما لم يفوضهم الكنيست أو المحاكم، ومنع المهاجرين الذين تقدموا بطلبات لجوء من العمل في عامهم الأول.

وأيضا إعادة المهاجرين السودانيين بمجرد توقيع اتفاق سلام مع الخرطوم ووضع لوائح لضمان المراجعة السريعة لطلبات اللجوء "الوهمية"، وإقرار قانون بخصم "وديعة" من أجور المهاجرين الذين يجدون عملا، الأمر الذي سيعيد ممارسة حكمت المحكمة العليا العام الماضي بأنها غير قانونية.

وستؤثر خطط شاكيد على حوالي 31 ألف مهاجر إفريقي في إسرائيل، بما في ذلك 22 ألفا من إريتريا و6 آلاف من السودان.

ووفقا لتقرير سبتمبر/أيلول 2021 من الخط الساخن للاجئين والمهاجرين في تل أبيب، تقدم 18 ألف إريتري و5 آلاف مهاجر سوداني بطلبات لجوء.

وتتناقض سياسات إسرائيل تجاه الأفارقة بشكل صارخ مع سياسات اليهود وأولئك الذين لديهم ما لا يقل عن ربع الميراث اليهودي، والذين يتم منحهم الجنسية تلقائيا بموجب قانون العودة.

وأشار العديد من السياسيين، من بينهم شاكيد، إلى أن معظم الأفارقة في إسرائيل "يتطلعون حقا إلى تحسين حياتهم اقتصاديا فقط".

وقال رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في بداية اجتماع أسبوعي لمجلس الوزراء عام 2017: "إنهم ليسوا لاجئين أو على الأقل معظمهم ليسوا كذلك، معظمهم يبحثون عن وظائف".

الفصل العنصري

وكانت إسرائيل من أوائل الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، وهي تعهد بعدم إعادة اللاجئين أبدا إلى دولة يواجهون فيها تهديدات خطيرة لحياتهم أو حريتهم.

وفي حين شهدت كل من السودان وإريتريا تغييرات في السنوات الأخيرة، إلا أن القليل منهم يعتبر أن أيا من البلدين آمن لعودة طالبي اللجوء.

ولأنها لا تستطيع إعادتهم إلى بلادهم، فقد منحت إسرائيل السودانيين والإريتريين الإذن القانوني بالبقاء، من خلال وضع يسمى "الإفراج المشروط" والذي لا يوفر سوى أبسط الحقوق المدنية، وفق الصحيفة العبرية.

ورفضت وزارة الداخلية منحهم حالة الإقامة المؤقتة، والتي تأتي مع بطاقة هوية تمكن المرء من العمل بشكل قانوني في معظم مناحي الحياة، رغم أن البعض، مثل بركة، تمكنوا من الحصول على الوضع على أي حال، غالبا عبر المحاكم.

وقال بركة عن الإقامة المؤقتة: "بهذه الإقامة يمكنك مغادرة البلاد والعودة.. يمكنك فتح مشروعك الخاص. يمكنك العمل في أي مكان أيضا - غالبا ما يكون أصحاب العمل حذرين من الإفراج المشروط، يتصرف الناس بشكل مختلف تماما عندما يكون لديك بطاقة هوية مناسبة".

لكن يبدو أن رفض منح الإقامة المؤقتة هو جزء من محاولة للتأكد من أن المهاجرين الأفارقة غير قادرين على العيش في إسرائيل ودفعهم للمغادرة، كما أن هناك خطوات أخرى نحو نفس الهدف اتخذتها الحكومات المتعاقبة لتحقيق هذه الغاية، وقد تم كبحها أو رفضها من قبل المحكمة العليا.

ووجد تقرير لصحيفة هآرتس في ديسمبر/أيلول 2021 أن معظم أطفال المهاجرين الأفارقة في تل أبيب يتم وضعهم في فصول دراسية دون أي أطفال إسرائيليين، مما أثار اتهامات بـ"الفصل العنصري".

كما أن طالبي اللجوء ليسوا مؤهلين أيضا للحصول على التأمين الصحي الوطني، رغم أنه يفترض أن يتلقى أولئك الذين لديهم وظائف خدمات يمولها صاحب العمل والتي تتيح لهم الوصول إلى العيادات المحلية.