تبنت مطالب قديمة.. ما جدوى تشكيل جبهة جديدة للمعارضة في العراق؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية، أطلقت 40 حركة احتجاجية وحزبا سياسيا "جبهة للمعارضة العراقية" تبنت فيها مطالب "حراك تشرين" 2019، الذي نادى بمحاسبة المنظومة السياسية بسبب الفساد وانفلات السلاح وتدهور الاقتصاد.

قال المتحدث الرسمي باسم قوى المعارضة باسم الشيخ، في 4 سبتمبر/ أيلول 2021: إن "المؤتمر هو إعلان لمعارضة شعبية بناءة من داخل العراق يشترك فيها أكثر من 40 من الحراكات الاحتجاجية التشرينية، والأحزاب السياسية، في أول عملية تعشيق بين ساحات الاحتجاجات والنخب السياسية".

مطالب وأهداف

وانطوى البيان الختامي للمؤتمر على مطالب عدة، إذ أكدت القوى المشاركة أنها توصلت إلى رؤية، مفادها: أن أي تغيير لا يمكن أن يتحقق إلا بإيجاد بديل سياسي منظم قادر على إحداث التغيير في المعادلة السياسية العراقية، التي توجت بانبثاق "تجمع قوى المعارضة العراقية" كجبهة سياسية وطنية تؤمن بالتداول السلمي للسلطة.

وشددت القوى على أنها "تنبذ كل أنواع العنف وتعمل في الأطر القانونية والدستورية بعيدا عن أي ارتباطات خارجية إقليمية أو دولية، وتسعى لإقامة دولة مدنية تعددية تؤمن بالهوية الوطنية الجامعة بغض النظر عن اللغة أو الجنس أو الدين كبديل لنهج منظومة الفساد والمحاصصة التي دمرت البلاد والعباد وباتت تهدد كيان الدولة وأركانها".

وقررت المعارضة وفقا للبيان الختامي "عدم مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقررة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 لافتقارها شروط النزاهة والعدالة وانعدام تكافؤ الفرص".

كما دعت "أبناء شعبنا إلى نزع الشرعية عن الطغمة السياسية وعدم المساهمة في إعادة تدوير وإنتاج نفسها"، وإلى إحياء ذكرى انطلاقة انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019 في ذات الشهر من العام 2021 بتظاهرة مليونية بالوسائل السلمية والحضارية وقراءة سورة الفاتحة على أرواح "شهداء الحرية" في العراق وإضاءة الشموع بهذه الذكرى.

وطالبت القوى المعارضة المنظمات والقوى الدولية والإقليمية بإعادة تقييم سياساتها تجاه العراق وشعبه.

وقالت: إن الشعب العراقي بات يلمس الاستهداف المتعمد من القوى الدولية المؤثرة في المشهد السياسي العراقي لتعطيل عجلة التقدم والتطور واستنزاف قدراته وثرواته وتجاهل إرادة شعبه الذي يتطلع إلى بناء دولة فاعلة وتعزيز دورها الفاعل في تحقيق الأمن والسلم الدوليين.

وأعلنت "رفضها منظومة المحاصصة والفساد والفشل التي تتحكم بمقاليد الدولة وأوصلت العراق إلى هذا الانهيار بسبب تشبثها بالمغانم والمكاسب المسروقة من مال العراقيين وثرواتهم وإعادة السلطة المغتصبة بانتخابات مشكوك بمخرجاتها مسبقا إلى الشعب العراقي باعتباره صاحب السلطة".

كما طالبت "بالكشف عن قتلة المتظاهرين وعن مافيات الخطف والتغييب القسري ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للقضاء مع إبعاد تأثير الإرادة السياسية الفاسدة المتسترة على قتلة أبنائنا".

وشددت على ضرورة "محاسبة وملاحقة حيتان الفساد المحميين من كبار السياسيين وعدم الاكتفاء بتقديم صغار الفاسدين والمرتشين لحرف اتجاهات الرأي العام عن الفاسدين الحقيقيين وتعديل القوانين البالية التي تستخدم لإفلاتهم من العقاب".

"ضوء أخضر"

وبخصوص جدوى تأسيس جبهة للمعارضة في العراق، فإن مراقبين اعتبروه عملا غير مجد بسبب ما يشهده البلد من انفلات للسلاح وتغول لإيران التي تمسك وتتحكم بالمشهد السياسي والاقتصادي وحتى الأمن الكامل، فيما رأى آخرون فيه ضوءا آخر لاستبدال النظام السياسي الحالي.

وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي، أحمد المنصوري، خلال تصريحات صحفية في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2021: إن "تشكيل معارضة حالة صحية ومكملة للعملية الديمقراطية، ولا بد من وجود جهات تعارض الأحزاب الحاكمة وتحاسبهم على أي تقصير، خصوصا إذا كان لديها تمثيل بالبرلمان، وبذلك تعمل توازن قوى في البلد".

لكنه رأى أن "المشكلة في مثل هذه المعارضة التي تتشكل في البلدان التي تعيش ظروفا مشابهة للحالة العراقية، أن الأحزاب الماسكة للسلطة تسعى إلى اختراقها والسيطرة عليها، حتى تظهر بمظهر أن البلد فيه جهات حاكمة وأخرى معارضة، وبذلك تحرف مسارها".

وأوضح الباحث أن "العراق في ظل وجود مليشيات وسلاح منفلت يصعب فيه تحرك المعارضة وممارسة دورها الطبيعي، لأن الطرف الآخر سيرد على أي خطوة تعارض توجهاته وفساده بالاختطاف والاغتيال، وهذا ما رأيناه في تعاملهم مع ناشطي حراك تشرين".

وأشار إلى أن "جبهة المعارضة لا بد أن تتشكل من شخصيات وقوى مؤثرة لها حضورها في المجتمع وتستطيع أن تحرك الشارع، لذلك إذا كانت شخصيات الحراك الشعبي قادرة على لعب دور المعارضة، ولا تتأثر بمغريات أحزاب السلطة كما حصل مؤخرا مع البعض، فهذا مسار بالاتجاه الصحيح".

وشدد المنصوري على أن "عملية التغيير في العراق تكون بشكل تراكمي، ولا سيما أن الأحزاب النافذة تحركها جهات خارج البلد ممسكة بخيوط اللعبة السياسية بالبلد، هي من تخطط وتدير شؤون ما يجري في العراق".

وفي المقابل، رأى رئيس مركز "التفكير السياسي" العراقي إحسان الشمري غير ذلك عبر تغريدة على "تويتر" في 4 سبتمبر/ أيلول 2021، قال فيها: إن "تعدد مشاريع المعارضة العراقية، مؤشر لضوء أخضر للبديل السياسي القادم".

"بلا جدوى"

لكن السياسي العراقي، حسين الرماحي، رأى خلال مقابلة تلفزيونية في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2021 أن "مؤتمر المعارضة لا يشكل شيئا، لأن المعارضة الفعلية المطالبة بالتغيير يجب أن تكون ما بعد كسب ثقة المواطن العراقي وصولا إلى البرلمان، وهناك تكون المعارضة".

وتابع: "أما أن تكون المعارضة قبل الانتخابات وعدم المشاركة فيها من باب أول لا يعني شيئا على التمثيل السياسي، والأمر الآخر اعتبرها نقطة في صالح الأحزاب السياسية التقليدية".

وفي السياق ذاته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، قصي الشجيري في حديث لـ"الاستقلال": إن "المعارضة السياسية لا يمكنها إسقاط النظام السياسي الحالي كما ورد في أهداف جبهة المعارضين، لأن القوى الحاكمة تسيطر على كل شيء، ولن تقلقها وجود مثل هذه المؤتمرات".

واعتبر الشجيري أن "وجود معارضة سياسية من هذا النوع في الداخل لا يعني وجود كتلة جماهيرية وبرلمانية قادرة على مزاحمة القوى السياسية الحاكمة، لكنها ربما تكون صوتا يضاف إلى الأصوات التي تنادي بنفس المطالب منذ عقدين من داخل العملية السياسية، ولا يستجيب لها أحد".

وفي موازاة ذلك، قال السياسي العراقي المعارض، أحمد الأبيض، خلال بيان نشره على "تويتر" في 4 سبتمبر/ أيلول 2021: إن جبهة المعارضة هي المعبر الحقيقي عن روح ثورة تشرين، والممثل الشرعي والمخلص للعراق من "الانتداب الإيراني المحتمل".

وأضاف الأبيض أن "جبهة المعارضة ماضية في تحشيد الجهد الوطني لإسقاط حكم التبعية والتخلف والرجعية المنغمس بالقتل والسلب"، مؤكدا أن "الهدف من المعارضة هو إسقاط النظام القائم واقتلاع جذوره من ذيول (أذناب) إيران، وعملاء الدول الأخرى".

وشدد على ضرورة إقامة نظام وطني بديل يعتمد ركيزة المثلث العراقي، وهي: "ثوار تشرين الحقيقيين والثابتين على المبادئ، القوى الوطنية والشخصيات المؤمنة بوحدة العراق، ونضال الشعب للعيش برفاهية، وممن لم يشتركوا في الفساد والفشل في الحكومات السابقة، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني كافة".

وأكد الأبيض أهمية "الإقرار بأن النظام الإيراني يحتل العراق من خلال أحزاب الفساد ومليشيات القتل، وأن هذا الاحتلال يجب أن ينتهي، وأن للشعب العراقي الحق في مقاومته وطرده".

وخلص المعارض العراقي في بيانه إلى أن "هذه الخطوة تعد انطلاقا لتوحيد الجهود والصفوف حتى يشهد العالم انبثاق البديل الوطني الرصين، لتحقيق الهدف الحقيقي بإنهاء حكم التبعية والرذيلة وقيام حكم الشعب الوطني وبناء العراق الموحد المزدهر".