ليست قضية محلية.. خلافات الجزائر والمغرب تصل إلى إسرائيل وإيران

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة المونيتور الأميركية أن قرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، قد يشير في الواقع إلى مواجهة مستقبلية بين إسرائيل وإيران حول النفوذ في إفريقيا.

وفي 24 أغسطس/آب 2021، أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب. 

وللوهلة الأولى، بدا القرار الجزائري مستقلا ونتيجة مباشرة للعلاقات الإشكالية التي تدهورت على مر السنين. 

سياق أوسع

لكن العمامرة نفسه هو الذي قدم سياقا أوسع، متهما جزئيا إسرائيل بالتعاون مع المغرب ضد الجزائر.  

ومن بين أمور أخرى، كان العمامرة غاضبا من تصريح أدلى به وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد خلال زيارته للمغرب في 12 أغسطس/آب.

وفي حديثه في مؤتمر صحفي بالدار البيضاء، قال لابيد: إنه يشاطر نظيره المغربي ناصر بوريطة "بعض القلق بشأن دور الدولة الجزائرية في المنطقة، التي اقتربت أكثر من إيران وتشن حاليا حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الإفريقي كمراقب". 

وبالتالي، يمكن النظر إلى تطور قطع العلاقات هذا إلى ما وراء مثلث إسرائيل والمغرب والجزائر، خاصة وأن إيران تعتبر  القارة الإفريقية ساحة مهمة في كفاحها العالمي من أجل النفوذ.

إذ تتنافس إيران مع المملكة العربية السعودية وأيضا الغرب مستغلة المشاعر المناهضة للاستعمار في القارة.

ولتأسيس نفوذ في إفريقيا، أنشأت إيران على مر السنين بنية تحتية من المساجد والمراكز الثقافية والشبكات الخيرية والمؤسسات التعليمية.

واستخدمت هذه الإستراتيجية لنشر "روحها الثورية" في جميع أنحاء القارة.

 

ولا تعد إيران الدولة الإسلامية الوحيدة التي تصدر رؤيتها للإسلام إلى إفريقيا وتدعم انتشاره هناك، حيث تعمل تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى بطريقة مماثلة إلى حد ما.

ومع ذلك، فإن الجهود الإيرانية لاختراق إفريقيا لها أيضا مكونات أخرى. 

ويعتقد الخبراء أنه من خلال استغلال الهياكل السياسية الهشة في بعض الدول الإفريقية، وربما بدعم من الشتات اللبناني، نجحت إيران والشركات التابعة لها في بناء شبكات التهريب والإجرام، وفق الصحيفة. 

كما تعمل إيران من خلال هذه الشبكات على تجنيد عملاء محليين لصالح قضيتها.

ويتحدث الخبراء عن أدلة تشير إلى أن فيلق القدس الإيراني (من خلال الوحدة 400) يدرب ويمول ويسلح العديد من الجماعات الانفصالية في إفريقيا ويوفر التدريب للجماعات الشيعية، بما في ذلك الحركة الإسلامية النيجيرية. 

إيران وإسرائيل

تواصل صحيفة المونيتور الأميركية: "كما استغلت إيران علاقاتها مع بعض الدول الإفريقية لتجاوز العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن". 

وحافظت إيران على علاقات جيدة مع الجزائر لعقود من الزمن وتواصل إعطاء الأولوية لذلك.

ويدعم كلا البلدين محاولة جبهة البوليساريو للحصول على حكم ذاتي في الصحراء الغربية، مما يضعهما في خلاف مع المغرب.

وبالتوازي مع الجهود الإيرانية في القارة، عمقت إسرائيل في السنوات الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية والتعاونية والأمنية في إفريقيا.

في العام 2020، على سبيل المثال، نجحت تل أبيب في تطبيع العلاقات مع السودان. وفي خطوة أخيرة ، في 23 يوليو/تموز، وافق الاتحاد الإفريقي على إدخال إسرائيل كدولة مراقبة. 

وذكر لابيد: "جاءت هذه الخطوة الأخيرة على الرغم من الجهود الجزائرية لمنعها".

كما أن جنوب إفريقيا ونيجيريا - وهما دولتان  تنشط فيهما إيران - انضمتا أيضا إلى الحملة (غير الناجحة) ضد قبول إسرائيل كمراقب.

وكان الرئيس الإيراني المنتخب حديثا، إبراهيم رئيسي، قد قال: إن "الحكومة الإيرانية الجديدة، ستكرس كل قدراتها لتعميق التعاون مع الدول الإفريقية".

وعلى عكس سياسات الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، من المرجح أن يركز رئيسي جهوده على تصدير الثورة الإيرانية في إفريقيا. 

وعلاوة على ذلك، يرتبط وزير الخارجية الإيراني الجديد حسين أمير عبد اللهيان ارتباطا وثيقا بالحرس الثوري، ومن المحتمل أن يدعم أنشطته في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحتى أبعد من ذلك.

يعني هذا أن التوترات بين إسرائيل وإيران بشأن إفريقيا قد تتصاعد في المستقبل.

وتركز إسرائيل جهودها الاستخباراتية على الأنشطة الإيرانية في الشرق الأوسط. ولكن من أجل مواجهة نوايا التواصل الإيرانية في إفريقيا، سيتعين على إسرائيل اتخاذ إجراءات إضافية. 

والأكثر من ذلك، ستكون إسرائيل مضطرة لزيادة المساعدة الاستخباراتية التي تقدمها للدول الإفريقية المختلفة التي ترى أيضا تهديدا من إيران في المنطقة. 

وفي هذا الصدد، يمكن للجهود الإسرائيلية الإفريقية أن تركز ليس فقط على تحديد الخلايا الإرهابية المحتملة في جميع أنحاء القارة ولكن أيضا على البنية التحتية الأيديولوجية لإيران العاملة في إفريقيا - من الجامعات عبر المساجد إلى المراكز الدينية، تقول المونيتور.

وتتابع: "قد يتم التركيز بشكل خاص أيضا على حملة اقتصادية ضد أصول إيران وحزب الله (اللبناني) في القارة". 

وتختم بالتأكيد على أن الخلاف الدبلوماسي الأخير بين المغرب والجزائر ليس مجرد قضية محلية، بل من الواضح أنه يعكس اتجاها أوسع نطاقا للمواجهة الدبلوماسية المحتملة بين إسرائيل وإيران حول النفوذ في إفريقيا.