لمنع انهيار لبنان.. معهد عبري يدعو لتعزيز دور الأسد على حساب إيران

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تستند التوقعات القاتمة بشأن مستقبل لبنان إلى اتجاهات أساسية لا يمكن توحيدها، نظام حكم فاسد وهيمنة حزب الله على البلاد.

لذلك، يرى معهد عبري أنه "في ظل هذه الظروف، فإن البديل المحتمل للسياسة الإسرائيلية الحالية هو إعادة تعزيز دور الراعي السوري، والذي تم تقويضه بشدة منذ عام 2005".

وعلى عكس النظام الإيراني، فإن لرئيس النظام السوري بشار الأسد مصلحة في منع الانهيار المستمر للدولة اللبنانية، وفق ما يقول معهد القدس للإستراتيجية والأمن.

الراعي السوري 

وأشار المعهد الإسرائيلي إلى أن الشباب والأسر الغنية يغادرون البلاد، وأيضا العديد من حملة الشهادات العليا، حيث لا تعمل العشائر البارزة والمعروفة على توزيع منطقي وعادل للموارد.

وقال: "ستبقى أهمية الدين والأيديولوجيا والهوية المحلية في مكانتها الأولى في مقياس التعريف الذاتي للمواطنين".

ويعتقد أنه "لم يكن لبنان دولة بالمعنى الكامل للكلمة، ولا يتوقع أن يصبح دولة في المستقبل المنظور".

وعلى الرغم من صعوبة استيعاب الأمر بالنسبة لأولئك الذين رأوا تعاطفا ضد السوريين في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005، فإن لبنان، من أجل الحفاظ على إطاره الرسمي كدولة، يجب أن يكون لديه راع قوي يمكنه أن يعمل كدولة فعالة وذات سلطة لتنفيذ آرائه وطموحاته.

وأوضح المعهد أن إسرائيل فشلت في محاولتها القيام بهذا الدور بعد التدخل العسكري في حرب ما تسمى "سلام الجليل" عام 1982.

ومنذ الحرب الأهلية في منتصف السبعينيات إلى 2005، كانت سوريا هي الراعية التي ضمنت ألا يكون لأي لاعب سياسي لبناني تأثير قوي أو أن يملي على الدولة كيفية التصرف.

لذلك تدخلت سوريا إلى جانب المسيحيين وضد الفلسطينيين واليسار في عام 1976، وكانت لها أيديولوجية، لم تكن في الجانب المسيحي.

ويرى المعهد العبري أن انسحاب سوريا نبع من ضغوط غربية شديدة، خلال ذروة الهيمنة الأميركية في المنطقة.

عكس الانسحاب الغضب في الغرب من اغتيال الحريري، وكذلك أوهام البعض في الداخل الذين اعتقدوا أنهم يمكن أن يستفيدوا منه لبناء دولة فاعلة في نهاية المطاف، لكن هذا لم يحدث كما يتضح من حرب إسرائيل وحزب الله عام 2006.

وأوضحت التطورات الأخيرة أنه على الرغم من اكتشاف الصحوة العامة (خاصة بعد الانفجار في مرفأ بيروت أغسطس/ آب 2020، فإن حلول أزمات لبنان كانت تسير في اتجاه حزب الله وأسياده الإيرانيين.

ويقول المعهد: "هؤلاء هم العامل الوحيد الذي يمتلك حاليا الإرادة والوسائل لأداء هذا الدور بما في ذلك القدرة على فرض سلطتهم على السياسيين الآخرين، الذين هم أضعف منهم من جميع النواحي".

منطقة واحدة

ولفت المعهد العبري إلى أن هذا الاتجاه، على الرغم من كونه تهديدا ورادعا، فيمكن -إذا تم التعامل معه بشكل صحيح- أن يكون له أيضا عواقب إيجابية على كل من إسرائيل وخصوم حزب الله في الساحة الداخلية.

قد يحدث ذلك شريطة أن يبدأ جميع اللاعبين المهتمين بالساحة بالتعامل مع لبنان وسوريا كمنطقة واحدة، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وفق تقديره. 

فالانهيار الاقتصادي للبنان، كما هو معروف، لم يأت بعد وجود حزب الله كدولة داخل دولة، وتعود جذور هذه الظاهرة إلى عدة عقود.

مع ذلك عرف لبنان فترات من النمو الاقتصادي، بما في ذلك فترة ما بعد حربه الثانية عام 2006، فالانهيار الحالي -الذي يبدو أنه يكتسب زخما لا يمكن السيطرة عليه- يرجع أساسا إلى السلوك الفاسد للحكومات اللبنانية والبنك المركزي اللبناني بقيادة رياض سلامة.

وهو ما أدى إلى إنشاء نظام اقتصادي بعيد المنال انتهى بانهيار كامل للبنوك.

فمنذ سنوات سحبت البنوك اللبنانية الودائع بالدولار من خلال ضمانات سعر الفائدة المرتفع، وتم تحويل هذه الودائع إلى البنك المركزي حتى يتمكن من تمويل سياسات الاستيراد الخاصة بالحكومات اللبنانية.

وبدلا من استخدام ثقة المستثمرين لتحويل لبنان إلى اقتصاد منتج، جرى التركيز على المنتمين إلى المعسكر "الموالي للغرب"، فانفجرت الأموال في وجوه المودعين والمستثمرين.

وأشار الخبير في السياسة العربية والإستراتيجيات الإقليمية "أيمن منصور" إلى أنه بحسب بعض التقديرات، فإن مصرف لبنان مسؤول عن خسارة أكثر من 160 مليار دولار أهدرت على واردات جميع المنتجات المستهلكة في لبنان؛ من الوقود المدعوم إلى السيارات الفاخرة المعفاة من الضرائب.

 في حين أن معظم الضرائب كانت تفرض على الضعفاء في المجتمع الذين لم يستثمروا في البلاد بمبالغ كبيرة، فإن الأغنياء والمرتبطين بالسياسة معفون من أي مدفوعات ضريبية.

هذه الظاهرة أيضا أدت إلى تدهور الدولة اللبنانية ووصولها إلى وضعها الراهن.

صراعات داخلية

ومقارنة مع ما حدث في النظام المصرفي اللبناني، لا تزال السياسة الداخلية في حالة من الفراغ القيادي والعجز عن تشكيل حكومة فاعلة.

إذ بدأ هذا الفشل المنهجي المستمر مع بداية الانهيار الاقتصادي أواخر عام 2019 واستقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، واستمرت مع تشكيل حكومة "حسان دياب" الضعيفة.

وأدت إلى الأزمة الحالية التي لم ينجح فيها المرشحون بالقيام بمهمتهم في تشكيل حكومة جديدة.

 كما أن سلوك اللاعبين الخارجيين لا يساعد اللبنانيين في تجاوز خلافاتهم وتشكيل الحكومة، وفق ما يقول المعهد العبري.

ولفت الخبير منصور إلى أن الدول الغربية جنبا إلى جنب مع الدول العربية السنية، تريد منع حزب الله وحلفائه من لعب دور مهم في الحكومة.

بينما تواصل المنظمة -المدعومة من إيران وسوريا وروسيا- استخدام قوتها وحلفاءها في البرلمان لإفشال تشكيل حكومة تهدد مصالحهم الداخلية وتقوض نفوذهم.

 ويتوقع أن يستمر الخلاف في تمييز النظام السياسي اللبناني، وحتى في السيناريو الذي ستتشكل فيه الحكومة، فإنه سيظل مثل سابقاتها، يتسم بالضعف والصراعات الداخلية وعدم الكفاءة المتأصلة.

ويختم المعهد الإسرائيلي بأنه "من غير المتوقع أن تتغير حالات فشل النظام اللبناني المذكورة أعلاه".