الشعوب لا تهزم.. أنور الغربي لـ"الاستقلال": من يحارب التونسيين يطارد السراب

تونس- الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"لأجل غير مسمى"، عبارة يتكرر سماعها مع كل إجراء معلن يجور على مصالح الشعوب العربية، إذ أصدر الرئيس التونسي، قيس سعيد، أمرا رئاسيا بتمديد تعليق أعمال البرلمان مصحوبا بهذه العبارة، مع الإبقاء على رفع الحصانة عن كل أعضائه.

لتدخل البلاد بهذا القرار، شهرها الثاني في ظل حالة من الغموض والاضطراب والتجاذبات السياسية وتبادل الاتهامات، تصاعدت بعدما أقال سعيد في 25 يوليو/ تموز 2021، حكومة هشام المشيشي، وعلق أعمال البرلمان، واستولى على السلطات الثلاثة.

كل ذلك وغيره دفع "الاستقلال" لمحاورة الكاتب والمفكر التونسي الدكتور أنور الغربي، المستشار السابق لدى رئيس الجمهورية الأسبق محمد منصف المرزوقي.

الغربي، في حواره لفت إلى وجود مشهدين في تونس، أحدهما يقوده قيس سعيد مدعوما من حزب واحد، ومن أطراف إقليمية ودولية تعارض الربيع العربي.

وأشار إلى أن المشهد الثاني يرى أن ما فعله الرئيس التونسي "انقلاب" على الدستور والمؤسسات، ومحاولة للاستيلاء على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وإدارة فردية بدون رؤية ولا خارطة طريق.

المفكر التونسي أكد أنه لا يمكن معالجة أزمات الاقتصاد والصحة عبر الانقلابات، أو الدفع باتجاه حكم الفرد أو رهن السيادة الوطنية، جازما بأن أن إعادة البلاد لعهود الاستبداد السابقة لا معنى له.

وشدد على أن الشعب التونسي تقيأ الاستبداد ولن يقبل بلعق ما رماه، مشيرا لأدوار مصرية إماراتية فيما وصلت إليه الحالة التونسية.

ودعا القوى السياسية والحزبية للحفاظ على حقوق الأجيال، وعدم التفريط بالحقوق والحريات وتثبيت العدالة وحكم القانون، عبر التمسك بالقانون والدستور.

المشهد التونسي

  • بداية.. صف لنا المشهد التونسي منذ إعلان قرارات 25 يوليو/ تموز 2021 وحتى الآن؟

يوجد مشهدان أساسيان بحسب زاوية النظر.

الأول: هناك من يرى أن ما وقع يتقاطع مع سلسلة العبث السياسي السائد منذ 10 سنوات مع غياب سلطة الدولة والقانون، وسيطرة أباطرة الفساد على عديد القطاعات، مع غياب الأمل في تحسن الأوضاع المعيشية والحياتية. 

هذا الرأي يتبناه الرئيس قيس سعيد وحزب معارض له، إضافة إلى مجموعات مختلفة منها الشبابية التي تعاني من البطالة والتهميش، ولكن ما يجمعهم، معارضتهم بشكل أو بآخر لمخرجات ثورة الحرية والكرامة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي. 

يجد هذا التيار دعما معلنا من الأطراف الإقليمية والدولية التي تعارض الربيع العربي ومخرجاته، ولعب الإعلام دورا أساسيا ومتقدما للتسويق لهذا الرأي وإن كانت مصالح أصحابه غير متجانسة ولا محددة. 

الثاني: هناك زاوية نظر مقابلة ترى أن ما حصل "انقلاب" على الدستور والمؤسسات، ومحاولة للاستيلاء على كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وإدارة فردية بدون رؤية ولا خارطة طريق.

هذا الرأي تتبناه أغلب الأحزاب، سواء التي كانت تدعم الحكومة أو في المعارضة، وهو الرأي الذي تتبناه أيضا أغلب المنظمات الوطنية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني، وأغلب الشخصيات الوطنية المعروفة بدفاعها عن القانون والعدالة.

هؤلاء أيضا يختلفون في توصيف الأوضاع وتحميل المسؤوليات ولكن ما يجمع بينهم هو رفض نهج "السعي للانفراد بالسلطة" والمطالبة بسرعة عودة البرلمان وحكومة شرعية للقيام على خدمة مصالح الناس.

  • كيف ترى تذرع سعيد بالأوضاع السياسية والاقتصادية والصحية لتمرير الانقلاب؟

طبعا توجد تراكمات كبيرة، وتعطيلات، وغياب إرادة، وضعف؛ ولكن لا يمكن معالجة مثل هذه الملفات الشائكة والمعقدة عبر الانقلابات، أو الدفع باتجاه حكم الفرد أو رهن السيادة الوطنية التي قاتل من أجلها الآباء والأجداد.

  • تذرع سعيد باستخدام الفصل (80) من الدستور.. فهل أساء استغلاله أم يحاول شرعنة قراراته؟

أغلب فقهاء الدستور التونسي المرموقين ورجال القانون، وأعضاء المجلس التأسيسي الذي كتبوا الدستور؛ أجمعوا على أن التأويل الذي ذهب إليه الرئيس لا يستقيم، وفيه تعسف كبير في قراءة النص.

خاصة وأن أهم الشروط لاستخدام الفصل غير متوفرة، ومنها تأويل معنى الخطر الداهم، وضرورة بقاء مجلس النواب في حالة انعقاد دائم، وإعلام رئيس الحكومة والبرلمان، بالإجراء.

وأصبح واضحا اليوم بعد تمديد الإجراءات الاستثنائية بأن استعمال هذا الفصل لم يكن إلا غطاء للإجراءات التي أرادها الرئيس لضمان استجابة المؤسسات للقرارات المتخذة وتسويق خياراته.

  • كيف ترى تمديد تلك الإجراءات إلى أجل غير مسمى؟

عامل الوقت مهم جدا، وليس من مصلحة البلاد تواصل حالة الاستثناء والمراسيم الرئاسية، وغياب خارطة طريق ومسار واضح للتونسيين والمستثمرين والشركاء. 

  • هل تعتقد أن سعيد يحاول إعادة البلاد لعهد "الطغاة" الحبيب بورقيبة وبن علي؟

إعادة البلاد للعهود السابقة لا معنى له، الشعب تقيأ الاستبداد ولن يقبل بلعق ما رماه.

  • ما خيارات القوى السياسية لمواجهة محاولات إعادة الاستبداد لتونس؟

التمسك بالقانون والدستور، والقيام بمراجعات ومصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع هي أهم المقومات التي يجب أن ترتكز عليها القوى السياسية والحزبية للحفاظ على حقوق الأجيال، وعدم التفريط بالحقوق والحريات وتثبيت العدالة وحكم القانون. 

الدور الأكبر للتصدي للإجراءات الجديدة سيكون من نصيب المجتمع المدني، والهيئات التعديلية التي ستسعى لاسترجاع ما فقدته من حقوق مكتسبة، بالدستور والقانون وعبر نضالات عشرات السنين.

الثورة المضادة

  • كيف تمكنت أدوات التخريب الموجهة لتونس من الخارج؟

عدم التعرض خلال الـ10 سنوات الماضية وبشكل مباشر وحاسم لموضوع التمويلات الأجنبية، وعدم التصدي للأجندات التخريبية المعروفة.

وعدم معالجة الأمور بعمق للحفاظ على السيادة وعلى ثوابت الشعب؛ جعل هذه الأدوات التخريبية من الخارج تتمدد وتنمو وتتنوع.

وكانت هي ولازالت أهم عامل لتخريب البلاد والمؤسسات.

  • من هي العناصر المحلية والقوى الإقليمية المعادية للتحول الديمقراطي والداعمة لانقلاب تونس؟

أعلنت الجهات الداخلية، والدول التي عرفت بعدائها لمخرجات الربيع العربي دعمها المسار الذي سلكه الرئيس منذ 25 يوليو/ تموز 2021. 

توجد خلافات كبيرة بين مصالح وأجندات الأطراف سواء الداخلية أو الخارجية، ولا أعتقد أنه بالإمكان التوفيق بينها.

بدا هذا واضحا من خلال الزيارات المكثفة للوفود الخارجية، وبعضها يحمل رسائل دعم  وإسناد، وآخر يحمل رسائل تحذير من سيطرة فكر أو عقيدة مختلفة، والحيلولة دون سيطرتها على الأوضاع في البلاد والمنطقة.

  • عرفت مصر والإمارات بعدائهما الشديد للربيع العربي.. ما دورهما في الحالة التونسية؟

أصرت السلطات في القاهرة وأبوظبي على استعداء المسار الديمقراطي في تونس، وتجلى ذلك عبر الحملات الإعلامية والتشويهية ضد رموز الدولة ومؤسساتها، ومن خلال تعطيل مشاريع يستفيد منها الشعب التونسي.

برز أيضا عبر دعم كل من يقف ضد مسار إرادة الشعب في الداخل، ودعم الأحزاب والنقابات والجمعيات والهيئات والشخصيات التي لم تجد مصلحتها في المتغيرات الحاصلة.

أبوظبي استدعت سفيرها في تونس دون مبرر، ومن بعد أرجعته دون ذكر أي أسباب، وسعت لإلحاق الضرر بالمسار الديمقراطي الوليد.

وعطلت كل المشاريع الاستثمارية الكبرى مع تونس الثورة، وغياب التعاون في ملفات خلافية بين البلدين، وأظهرت عجز حكومات الثورة عن إدارة البلاد.

تدخلت أبوظبي لتوجيه عمل دبلوماسيين تونسيين تحت لافتة الإصلاح ومنعت التأشيرات عن التونسيين، واستثنت نساء تونس من عبور المطارات الإماراتية في فترة ما.

ودعمت الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وحزبه للإطاحة بالإسلاميين، وواصلت النهج نفسه مع شخصيات أخرى لا زالت تنشط.

أما القاهرة، فأساءت للبرلمان التونسي، وشهرت بالعديد من مكونات المشهد السياسي والحقوقي، وسعت للسيطرة على جامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي، لإقصاء تونس من دائرة التأثير والفعل الإيجابي.

وشجع غياب إرادة السلطات القائمة في البلاد لقطع مسار التدخلات الخارجية، هؤلاء على المضي في نهج التدخلات.

  • ما أوجه التشابه والاختلاف بين انقلاب تونس وانقلاب مصر؟

في تونس توجد مؤسسة عسكرية التزمت بالقانون ونفذت أوامر رئيسها المباشر الذي يتمتع بسلطة شرعية باعتباره منتخبا من الشعب.

على مستوى الإجراءات لا توجد إخلالات قانونية تستوجب المحاسبة أو الملاحقة لأبناء المؤسسة العسكرية في تونس.

أيضا أول من أقيل بعد رئيس الحكومة كان وزير الدفاع الذي سبق وأن عينه الرئيس، ومدير القضاء العسكري.

بما يعني وجود تباينات واجتهادات مختلفة في قراءة النصوص والتعاطي مع الأحداث، ووقع حماية المؤسسات دون إراقة قطرة دم واحدة.

بالنسبة لمصر قيادة الجيش متورطة بشكل شبه كامل فيما ارتكب من مجازر وقتل الآلاف، وهي متورطة في إدارة الحكم وتتحمل مسؤولية ما يجري في البلاد من اعتداءات وانتهاكات بحق الشعب، ودعم الانقلاب بكل ما يملك.

في تونس أعلنت كل الطبقة السياسية والجمعيات والهيئات والمنظمات رفضها للإجراءات المتخذة، وهذا ما لم نلحظه في الحالة المصرية.

لعل المشترك الوحيد هو مسارعة نفس الجهات الإقليمية والدولية لدعم الخطوة.

  • لماذا استهدفت أنظمة الثورة المضادة الديمقراطية التونسية؟

الأنظمة الشمولية والقمعية تخاف من الديمقراطية والعدالة، ومن فقدان مصالحها وما اكتسبته على مدى سنوات طويلة.

أما بالنسبة للبلدان التي لديها مصالح في بلداننا وترى أنها غير قادرة على المنافسة المفتوحة، فإنها تفضل التعامل مع أنظمة غير ديمقراطية يسهل ابتزازها وترويضها.

خاصة مع دخول قوى جديدة للسوق وبقدرة تنافسية عالية، مثل الصينيين والكوريين والهنود والأتراك.

  • كيف ترى الدور الفرنسي في دعم أعمال الانقلاب من وراء الكواليس؟

السلطات الفرنسية لها سياسة ثابتة تجاه التعامل مع تونس، قائمة على تثبيت المصالح والثقافة الفرنسية.

وكان هذا نهجها مع كل رؤساء وحكومات تونس السابقة، بغض النظر عن خلفياتهم الحزبية من يمين أو يسار.

والسلطات الحالية ليست استثناء من هذا النهج المعتمد.

  • ما تفسيرك للمواقف "الخجولة" و"الضعيفة" و"الداعمة" لبعض القوى الدولية من انقلاب سعيد؟

المنطلق هو الحفاظ على المصالح، فالبعض يسعى لذلك بعقلية الربح والخسارة دون أخلاق ولا مبادئ، وآخرون بعقلية كسب النقاط والتشفي من الخصوم المحتملين.

وآخرون عبروا عن مواقف مبدئية مرتكزة على أدوات الديمقراطية والرجوع للشعب، ومواقف هؤلاء هي الأكثر وقعا وتأثيرا على مجريات الأمور وعلى الالتزامات الدولية لتونس.

  • هل يمكن اجتثاث جذور الثورة المضادة وتجذير الممارسة الديمقراطية في تونس؟

تثبيت العدالة، وحكم القانون، وترسيخ الشفافية، وبناء ثقافة المواطنة، إنها الدعائم الرئيسة للديمقراطية في البلاد.  

البرلمان والنهضة

  • ماذا يعني اعتبار سعيد المؤسسات السياسية والبرلمان خطرا على الدولة؟

صحيح وقعت تجاوزات وممارسات لا تليق بالمؤسسة وبالدولة وبالشعب؛ ولكن هذا يمكن إصلاحه وليس تجريمه واعتباره يمثل الخطر الداهم والدائم والأوحد.

أصبح معلوما الآن أن للرئيس رأي وتصور للمجتمع والأفراد وإدارة الشأن العام هو مقتنع به وبرسالته التي يحملها للشعب.

هو لا يؤمن بالأحزاب وما تفرزه، ويعتقد أن الحل عبر تمثيل الناس من خلال أفراد لا أحزاب، ويردد أن الشعب يعرف ما يريد، وبالتالي لا حاجة لمراكز دراسات وأبحاث ومؤسسات وسلطات تمثل إرادة الشعب وتعبر عنه. 

البرلمان يعبر عن إرادة الشعب في الاختيار، وهو السلطة الرقابية والتشريعية، ولا يمكن تصور أي التزامات تأخذها البلاد مع الجهات الدولية دون المرور عبر البرلمان. 

  • هل تتحمل حركة "النهضة" أي مسؤولية عما آلت إليه البلاد؟

تتحمل حركة النهضة باعتبارها حزب الأغلبية والداعم للحكومات المختلفة منذ قيام الثورة؛ جزءا مهما من المسؤولية ومن الفشل.

وإصرار قيادتها على دعم كل الحكومات والحكم عبر شخصيات من الإدارة -تكنوقراط- جعلها تظهر أنها الطرف المسؤول عن كل ما حصل وعن غياب الإصلاحات الكبرى التي تمس حياة المواطنين.

والواقع أن أطرافا كثيرة أوصلت المسار لحالة الانسداد ولا شك بأن لحركة النهضة جزءا مهما في ذلك.

  • ألا ترى أن هناك تحاملا على حركة "النهضة" وقياداتها وبرلمانييها؟

إصرار قيادة "النهضة" على دعم الحكومات المتعاقبة منذ الثورة، وعدم بروز أي جهة لتحمل مسؤولية السياسات التي انتهجت، وما رافق بعضها من فشل وتركيز الإعلام الموجه على النقد اللاذع لمنظومة الثورة ومخرجات الربيع العربي، كل ذلك جعل الشعور العام يعتقد أن النهضة هي من تسير البلاد، وهي بالتالي المسؤولة بالكامل عن الفشل.

  • كيف تقيم سياسات ونهج الغنوشي و"النهضة" في التعامل مع انقلاب سعيد؟

الإصرار على تبني نهج الشرعية وتثبيت المؤسسات مهم جدا، خاصة من مؤسسة البرلمان في النظام الحالي للبلاد التونسية.

مواصلة انعقاد أعمال البرلمان عن بعد يثبت دعائم المؤسسات الشرعية، ويضعف حجج الداعين للإجراءات الخاصة، واعتبار البرلمان جبهة صدام وتوتر دائم.

يحسب لرئاسة البرلمان عدم رفع شكوى إلى الآن لدى "الاتحاد الدولي للبرلمانيين"، وعدم تظلم النواب بصفة فردية رغم وجود مبررات كثيرة لذلك. 

نهج البحث عن توافقات وحوارات مهم للغاية على شرط أن يجد القبول والتجاوب لدى الطرف المقابل.

ربما يأخذ الكثيرون على رئاسة البرلمان التساهل وعدم الحزم في التعاطي مع التجاوزات التي أقدم عليها عدد من النواب.

وساهمت هذه الصورة لبرلمان تسوده الفوضى وقلة الاحترام وغياب النظام، بشكل كبير في ترذيل عمل البرلمان وإظهار ضعف مستوى النواب.

أعتقد أن أكبر خطأ ارتكبته حركة النهضة هو عدم تحمل المسؤولية بالكامل باعتبارها حزب الأغلبية والإصرار على دعم حكومات لا تمثل توجهاتها أو أفكارها بحسب ما تعلنه في أدبياتها وبرامجها التي على أساسها انتخبها الشعب.

  • ما دلالات ومآلات حل المكتب التنفيذي لحركة "النهضة"؟

باعتقادي، يعتبر قرار غلق مقرات محلية لحركة "النهضة" ذا أهمية كبرى ربما تفوق في رمزيتها حل المكتب التنفيذي الذي يختار الرئيس أعضاءه، وبالتالي يمكنه إعفاؤهم إن تبين له ولمساعديه وجاهة ذلك. 

ربما الهدف من القرار هو إعادة صياغة خطاب متجانس وموحد خاصة في الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، وتكاثر الهجومات والنقد لرئيس الحركة.  

لعل إبعاد أصوات عرفت بمعارضتها لنهج رئيس الحركة في التعامل مع الأحداث غير إيجابي، ويرسل رسائل ملتبسة.

ما نلحظه أيضا كمراقبين لما يحدث؛ أن البعض من القيادات السابقة في الحركة وبعضهم تقلد مناصب عليا في الدولة، هم اليوم أشد عداوة في النقد والهجوم على أداء رئيس الحركة.

وهذا يدل على الحاجة الماسة لثقافة العمل الحزبي والجمعياتي. 

  • هل تنازلات "النهضة" فوتت فرصة سعيد في تحريك "الفتنة".. أم لا يمكنها مقارعة الرئيس؟

مقارعة سعيد مسؤولية جماعية ومشتركة، كل مؤسسات الدولة وأعضاء البرلمان بما في ذلك نواب "النهضة"، وكل أعضاء السلك القضائي والعدالة بشكل عام.

وجميع المنظمات والهيئات الوطنية والعاملين في المجتمع المدني، وأبناء الشعب بمختلف مكوناته.

والتونسيون بالخارج، عليهم مسؤولية حماية المسار الديمقراطي والدفاع عن القانون وسيادة القرار الوطني. 

مستقبل تونس

  • هل تتوقع انطلاق جولة ثانية من ثورات الربيع العربي تبدأ من تونس؟

الشعوب لا تنهزم، وتعلقها بثوابتها وحقوقها يجعل من يحاربها كمن يجري خلف سراب.

  • كيف ترى مستقبل تونس في ظل الأوضاع الراهنة؟

في ظل غياب مسار واضح، وسلطة رقابية معترف بها، وحظر السفر على الأطر القضائية، ورجال الأعمال وكوكبة من المسؤولين السابقين في الدولة تنفيذا للتدابير الاستثنائية.

ومع تواصل عدم الوضوح في التعاطي مع ملفات الفساد الحقيقية، فإن البلاد ستشهد حالة من الترقب والانتظار والعزوف عن أي استثمار أو مبادرات تنموية أو فعاليات مجتمعية.

ربما يزداد التجاذب وتمر البلاد بحالة من الترقب والخوف لدى الكثير من العائلات نظرا لتزايد الانتهاكات.

قبل أن يكتشف المواطن حقيقة الوضع المالي للدولة مع ما يرافق ذلك من غلاء الأسعار وزيادة معدلات الجريمة وغياب الأمن.

ولكن طبعا سيبقى المجتمع المدني يقظا متحفزا  لأي تجاوز .

ربما تحصل مبادرات وطنية أو سياسية تخرج البلاد من العزلة والتردد والانتظار.