مخاوف ثلاثية.. "الأناضول" ترصد خسائر الأكراد بانسحاب أميركا من العراق

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

وسط ما خلفه الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان من مخاوف إقليمية ودولية، يبدو أن مغادرة القوات الأميركية للعراق سيكون له تبعات خطيرة على أكراد العراق، الذين حققوا مكاسب سياسية عديدة في ظل دعم واشنطن لمدة سنوات.

"وكالة الأناضول" التركية، نشرت مقالا للكاتب بكر أيدوغان يرصد آثار سحب أميركا قواتها القتالية من العراق نهاية 2021، مشيرا إلى أزمات تواجه أكراد العراق بهذا القرار خاصة وأنهم يفضلون الوجود الأميركي في العراق.

كاتب المقال تحدث عن "بلوغ التوترات بين أميركا وإيران ذروتها باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، والقائد بالحشد الشعبي أبومهدي المهندس يناير/ كانون الثاني 2020".

ولفت إلى أن "مجلس النواب العراقي وبتأثير من إيران، اتخذ قرارا غير ملزم بطرد واشنطن والقوى الأجنبية الأخرى من البلاد بأغلبية أصوات النواب الشيعيين بجلسة لم يحضرها النواب الأكراد والسنة".

وفي ظل تكثيف إيران هجماتها الانتقامية على القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق من خلال المليشيات التي تدعمها، بدأت واشنطن في الانسحاب من بعض القواعد.

وخلال جلسة الحوار الإستراتيجي الـ4 بين واشنطن وبغداد 23 يوليو/ تموز 2021، أعلنت أميركا أخيرا أنها ستسحب قواتها القتالية كاملة بحلول نهاية ٢٠٢١، باستثناء المدربين والمستشارين العسكريين.

الحشد الشعبي

الكاتب التركي يرى أن أكراد العراق من الفئات المتأثرة سلبا من القرار الأميركي بالانسحاب، وذلك لأنهم "يدينون بالكثير مما وصلوا إليه وحصلوا عليه لواشنطن".

ورصد أن "الأكراد العراقيين حصلوا على حكم ذاتي بإعلان واشنطن شمال البلاد منطقة حظر طيران عام 1991، وأصبح لهم كيان خاص بحسب الدستور بعد غزوها العراق عام 2003".

وقال: "بعد الانسحاب ربما يجدون أنفسهم بمواجهة التهديدات المتزايدة لمنظمة (بي كا كا)، و(تنظيم الدولة)، والتوترات التي صاحبت استفتاء الانفصال مع المليشيات الشيعية، وخسارة كركوك، بجانب سياسات إيران القمعية".

"ما يدعم هذا، قول رئيس حكومة إقليم كردستان العراق السابق وزعيم (الحزب الديمقراطي الكردستاني) مسعود بارزاني: (المقارنة بين أفغانستان والعراق لن تكون صحيحة)"، وفق الكاتب أيدوغان.

وأوضح أن قول بارزاني يأتي هنا "لتهدئة الشعب الكردي، الأمر الذي يظهر أنه يهتم بكيفية تأثير الانسحاب على أكراد العراق".

ويعتقد أنه "وبما أن واشنطن سحبت جنودها من العراق عام 2011، وأرسلتهم لمحاربة (تنظيم الدولة) عام 2014؛ فيبدو أن قرار الانسحاب الأخير لم يقنع المليشيات الشيعية والقوى السياسية المدعومة من إيران".

"فلم تتوقف الهجمات الصاروخية على القواعد الأميركية"، وفق تعليق الكاتب التركي.

وأضاف: "ومع أن واشنطن أعلنت أنها ستسحب قواتها القتالية نهاية 2021، مع الحفاظ على وجودها العسكري والدبلوماسي، يمكن القول بأن الانسحاب من العراق لا يشبه انسحابها من أفغانستان".

وفي مقارنة بين الحالتين لفت الكاتب إلى أن "الانسحاب من أفغانستان كان عسكريا ودبلوماسيا، كما أن تداعياته المحتملة مختلفة".

وشرح ذلك بالقول: "عارضت المليشيات الشيعية الوجود الأميركي في كردستان العراق عندما ذكر الأكراد بأن واشنطن يمكنها نشر قواتها بالإقليم إذا انسحبت من العراق".

وأكد أنه لذلك أطلقت تلك المليشيات "العديد من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على المطار الدولي في عاصمة الإقليم أربيل، وقاعدة حرير العسكرية".

"المليشيات ستستمر في الضغط لخروج أميركي تام من العراق، وستتابع أنشطتها الدعائية ضد أميركا باستهداف مباني القنصلية الأميركية في أربيل، حتى مع إخلاء القواعد الأميركية من كردستان بالكامل"، وفقا للكاتب.

واستدرك قائلا: "من ناحية أخرى، ربما تنفذ المليشيات هجمات جديدة بإقليم كردستان لدوافع مختلفة، بينها استخدامها ورقة ضغط ضد أكراد العراق في القضايا الخلافية بين أربيل وبغداد".

"في محاولة لاستغلال فراغ السلطة التي ربما يخلفها الانسحاب الأميركي في ظل فشل الحكومة العراقية في السيطرة عليها"، بحسب المقال.

وأوضح أن "حكومة كردستان انسحبت من مناطق متنازع عليها، بينها كركوك، وتركتها للميليشيات الشيعية والجيش العراقي 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، وذلك بعد استفتاء الانفصال 25 سبتمبر/ أيلول 2017".

ويعتقد أن "هذا الأمر يذكر أكراد العراق بأن مكاسبهم الحالية ربما تذهب أدراج الرياح عند حدوث أزمة مع بغداد، بما أن أملهم خاب في حماية واشنطن لهم من هذه الهجمات".

التنظيمات المسلحة

الكاتب التركي أيدوغان، رصد من ناحية أخرى، إلى جانب مخاطر المليشيات الشيعية خطر تنظيم "بي بي كا" و"تنظيم الدولة"على أكراد العراق إثر الانسحاب الأميركي.

"ربما يلاحظ أن تنظيم (بي كا كا)، زاد من هجماته على قوات (البيشمركة) الكردية، والشرطة والضباط والمدنيين في كردستان العراق، بعد اتفاقية بغداد وأربيل 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2020".

تلك الاتفاقية الأمنية في شق منها كان "من المتوقع أن تنهي وجود (بي كا كا)، و(الحشد الشعبي) المدعوم من إيران، في منطقة سنجار بالموصل"، بحسب المقال.

وتوقع أن "تشهد كردستان هجمات أكبر بزيادة تركيا سرعة ونطاق عملياتها بالإقليم، إذ إن (بي كا كا) تتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني بأربيل بمساعدة تركيا بعملياتها ضد حزب العمال الكردستاني".

"يمكن لحزب العمال الكردستاني العمل مع المليشيات الشيعية، وينفذ هجمات ضد حكومة أربيل، حال مشاركتها في عملية عسكرية مع تركيا في سنجار"، بحسب قراءة كاتب المقال.

وأضاف: "يشكل (تنظيم الدولة) تهديدا على كردستان العراق، إذ زادت هجماتها أخيرا بالمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، بعد هزيمتها في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2017".

ولفت إلى أن "تنظيم الدولة" شكل أزمة في المنطقة وهاجم منطقة سنجار 3 أغسطس/ آب 2014.

أما أكراد العراق اندفعوا حينها لإخلاء المدينة وتدافعوا إلى المطار ومحطات الحافلات عندما اقترب التنظيم من أربيل مسافة 40 كيلومترا، وفق رصد المقال.

"بدأ الأكراد كذلك في تخزين الطعام والنفط، حتى أن الكثير منهم كانوا مستعدين للانضمام طوعا إلى قوات (البيشمركة) للقتال ضد تنظيم الدولة"، بحسب الكاتب.

ولفت إلى أن "التنظيم يستغل حاليا فراغ السلطة في المنطقة المتنازع عليها والواقعة بين أربيل وبغداد، وانعدام الاستقرار الذي يحتمل أن يعم بانسحاب أميركا".

وأكد أن "التنظيم زاد هجماته أخيرا باطراد، رغم أن قوات (البيشمركة) اكتسبت خبرة في قتاله وزادت من عتادها بمساعدة عسكرية من قوات التحالف الغربي".

ضغوط طهران

الكاتب التركي أيدوغان توقع في مقاله أن "تزيد إيران ضغطها على حكومة كردستان، لانزعاجها من علاقات أربيل الوثيقة مع تركيا وواشنطن، ولأنها ترغب في ترسيخ نفوذها بكردستان كما تفعل بباقي العراق". 

وقال: "إيران تملك وسائل ضغط على حكومة كردستان، كالمليشيات الشيعية، وحكومة بغداد، و(بي كا كا)؛ إلا أنها ربما تضغط بتنفيذ هجمات على معسكرات (الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني)، الذي تصنفه كمنظمة إرهابية".

"يبدو أن انسحاب أميركا من العراق لن يكون مشابها لانسحابها من أفغانستان، إلا أن التساؤلات حول مدى استعداد أكراد العراق لمواجهة التهديدات المذكورة أعلاه لا تزال قائمة"، بحسب تحذير الكاتب.

وأضاف: "الإقليم يعاني الفساد وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي بالمنطقة التي يديرها (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، و(الاتحاد الوطني الكردستاني)، كدولتين منفصلتين كل له وحداته الأمنية والاستخبارية الخاصة".

الكاتب وضع روشتة علاج وجزم بضرورة  "توحيد (البيشمركة) في أربيل، والسليمانية، وتسريع الجهود لحل الخلافات بين الأحزاب السياسية حتى يتمكن أكراد العراق من مواجهة التهديدات المحتملة من الخارج". 

وأضاف: "يحتاج الإقليم إلى تنويع مصادر الدخل البديلة لمنع الحركات الاحتجاجية التي ربما تبدأ حال خفض بغداد رواتب موظفي الخدمة المدنية ومعالجة قضايا مثل الفساد والبطالة".

 وختم بالتشديد على أهمية تطوير "إدارة كردستان علاقاتها مع تركيا، والتعاون أكثر لمحاربة (تنظيم  الدولة) و(بي كا كا)، للحيلولة دون هيمنة إيران على السلطة بسياساتها القمعية بعد الانسحاب الأميركي".