خطة بوتين.. هكذا تناول نافالني السم فسرى أثره في جسد المعارضة الروسية

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد عام من تسممه، الذي يتهم الكرملين بالمسؤولية عنه، لا يزال المعارض الروسي أليكسي نافالني محاصرا خلف القضبان. 

وتحاول حركته التي جرى تحجيمها، التأثير على الانتخابات التشريعية في سبتمبر/أيلول 2021، في الوقت الذي تكثف موسكو قمعها ضد كل أشكال المعارضة السياسية، تقول صحيفة لاكروا الفرنسية.

يواجه ألكسي نافالني، القابع في السجن، صعوبة في التعبير عن آرائه. 

لكنه رغم ذلك ما زال قادرا على إسماع صوته، كما يتضح من مقال الرأي الذي نشره في 19 أغسطس/آب بصحيفة لوموند الفرنسية، حول مكافحة الفساد.

قمع وإضعاف

من ناحية أخرى فإنه ومنذ تسممه، قبل عام واحد فقط، تراجع نشاطه السياسي حتى الصفر. 

وكان الخصم الأول للكرملين قد نجا في 20 أغسطس/آب 2020 من التسمم في مدينة نوفيتشوك، عبر عملية كانت برعاية موسكو على الأرجح.

بعد عودته من المستشفى في ألمانيا، جرى اعتقاله وسجنه عندما نزل من الطائرة في 17 يناير/كانون الثاني، ثم حكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف في قضية احتيال تعود إلى عام 2014. 

تحاول حركته - صندوق مكافحة الفساد (FBK) - مواصلة معركتها قدر المستطاع قبل الانتخابات التشريعية ما بين 17 و19 سبتمبر/أيلول.

تقول آنا كولين ليبيديف المحاضرة في جامعة باريس نانتير: "لقد اشتد قمع المعارضة منذ اعتقال أليكسي نافالني".

تضررت حركة صندوق مكافحة الفساد بشدة من عملية التطهير التي بدأتها الحكومة قبل بضعة أشهر، وفق صحيفة لاكروا. 

وقد أعلنت محكمة في موسكو 9 يونيو/حزيران 2021، أن جميع المنظمات المرتبطة بالناشط المناهض للفساد (نافالني) "متطرفة"، وهو ما يرقى إلى حظرها.

جرى حل المكاتب الإقليمية لصندوق مكافحة الفساد بينما يجبر قادة الحركة على النزوح، وازداد الضغط أكثر في الأسابيع الأخيرة.

كما أغلق حوالي خمسين مكتبا مرتبطا بألكسي نافالني في 26 يوليو/تموز.

وأعلنت منظمة OVD-Info غير الحكومية في 18 يوليو/تموز، عن تنفيذ الشرطة مداهمات في منتصف الليل لمنازل من أنصار الحركة.

وعبر ليونيد فولكوف، المعارض السياسي المقرب من ألكسندر نافالني، عن سخطه مما فعلته الشرطة عبر تدوينة على شبكة التواصل الاجتماعي تليغرام.

وقال فولكوف: "إنه عمل إرهابي، أن تأتي بصوت عال في الليل إلى 20 شخصا (...) حتى يشعر مئات الآلاف من أنصارنا في موسكو بالخوف".

تحلل آنا كولين ليبيديف ما يحدث وتقول: إن "السلطات الروسية تستخدم إستراتيجية تخويف القادة لإسكات أي معارضة".

مجتمع مدني متشظ

مع اقتراب موعد الانتخابات، لم تعد الحملة مقتصرة على المنظمات الموالية للمعارض ألكسي نافالني.

يشرح مورفان لالويت، طالب الدكتوراه في جامعة كنت والمؤلف المشارك لكتاب عن أليكسي نافالني: "إننا نشهد إحكاما للقبضة غير مسبوق على المجتمع المدني الروسي". 

وأضاف أنه جرى "القبض على عشرات الآلاف من المتظاهرين ويتم قمع من خرجوا بعنف".

كما جرى إغلاق وسائل الإعلام المستقلة مثل "فتيمس" Vtimes و"برووكت" Proekt  بعد أن أعلن الكرملين أنها "عملية أجنبية". 

أحدث مثال على ذلك، منصة مراقبة الانتخابات Golos (الصوت) ، التي صنفت أيضا في نفس الخانة باعتبارها "عميلا أجنبيا" من قبل المحاكم الروسية في 18 أغسطس/آب.

وشجب المدير المشارك للمنظمة "غريغوري ميلكون ينس" الهجوم على "أكبر مجتمع من مراقبي الانتخابات المستقلين".

بعد استبعاده من السياسة المؤسسية ووسائل الإعلام المؤثرة، لا يزال أنصار أليكسي نافالني يسعون للتأثير على انتخابات سبتمبر/أيلول. وتستند إستراتيجيتهم على الدعوة إلى "التصويت الذكي".

تقدم الحركة، على مستوى محلي في نسق متواتر، المرشحين الأكثر قدرة على هزيمة مرشح حزب روسيا الموحدة، الحزب الحاكم التابع للرئيس فلاديمير بوتين، مهما كان توجهه السياسي. 

وقال مورفان لالويت عن ذلك: إن "الفكرة تتمثل في الحد من نتيجة وصول الحزب الحاكم التابع لبوتين قدر الإمكان وإحضار المعارضين إلى البرلمان".

ويلاحظ مورفان لالويت، في ذات السياق، أن هؤلاء المرشحين حتى لو لم يكونوا في وضع يسمح لهم بالتأثير حقا على نتيجة الاقتراع "فإن عملية سد المنافذ السياسية هذه لها دلالة رغم كل شيء".

كما أن السلطات الروسية تعلم أنها تولد عبر ما تقوم به المزيد والمزيد من السخط عليها، ومن هنا تأتي الحاجة إلى السيطرة على الانتخابات قدر الإمكان، وفق تقديره.