"مسار بديل".. ما جدوى مفاوضات بايدن مع حماس بمعزل عن نتنياهو؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

عقب مقتل أحدهم، تضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين الخمسة حاملي الجنسية الأميركية في قطاع غزة على الرئيس جو بايدن لتجاوز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإبرام صفقة أحادية الجانب مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

ودعما لهذا التوجه، اقترح ناشط حقوقي إسرائيلي أن يتجاوز بايدن، نتنياهو، ويتفاوض مع حماس بخصوص المحتجزين الأميركيين لديها.

وقال ميكي بيرغمان، في مقال له بمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، إن "نتنياهو يشكل عقبة، لكن بايدن لديه البديل".

ويترأس "بيرغمان" منظمة "جلوبال ريتش"، غير الربحية، التي تساعد في إعادة الأميركيين المختطفين أو المحتجزين في الخارج دون أي تكلفة على عائلاتهم، كما أنه مؤلف كتاب "في الظل: قصص حقيقية عن مفاوضات عالية المخاطر لتحرير الأميركيين المحتجزين في الخارج".

ومطلع سبتمبر/أيلول 2024، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي العثور على جثث 6 أسرى في غزة، فيما أكد بايدن أن واحدة من الجثث تعود لإسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية، وهو هيرش غولدبريغ بولين (23 عاما).

فشل أميركي

وقال بيرغمان: "مع اقترابنا من مرور عام كامل على 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حان الوقت للاعتراف بأن الأساليب التي حاولت إطلاق سراح 101 محتجز متبقٍ في قطاع غزة، بمن فيهم 4 مواطنين أميركيين، لم تنجح".

وأضاف: "لقد فشل الرئيس بايدن في إقناع إسرائيل وحماس بقبول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى على الرغم من جهوده المستمرة منذ أشهر، وفي المقابل، لم تحقق محاولات الإنقاذ الإسرائيلية سوى نجاح محدود".

ويرى الكاتب أن نتنياهو "يتمتع بالسلطة الكافية لتأمين إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، ولكنه اختار مرارا وتكرارا ألا يفعل".

ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2023، هناك اقتراح على الطاولة، يستند إلى وقف إطلاق النار وتسوية دبلوماسية للحرب، وهذه هي الصيغة الوحيدة التي يمكن أن تضمن عودة جميع المحتجزين من غزة، وفق "بيرغمان".

ويؤكد الناشط الإسرائيلي أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، لن يوافق على تغيير الخطوط العريضة الأساسية للصفقة، وعلى النقيض من ادعاءات نتنياهو، فإن الضغوط العسكرية لا تجدي مع السنوار نفعا.

من جانبه، لا يبدو نتنياهو مهتما بالفعل بعقد صفقة؛ لأنها تُعرض بقاءه السياسي للخطر، وفق تقييم الكاتب.

وأضاف أنه "طالما أن هناك محتجزين في غزة، فسيكون لدى نتنياهو مبرر لمواصلة الحرب، وطالما استمرت الحرب، فسيمكنه تأجيل المطالبات بتشكيل لجنة تحقيق، وإجراء انتخابات مبكرة، ومحاسبته سياسيا".

وشدد على أن "نتنياهو يتولى المسؤولية عن أكبر خسارة في أرواح المدنيين اليهود في يوم واحد منذ الهولوكوست، والطريقة الوحيدة له للبقاء سياسيا هي إدامة الحرب".

وتابع: "في حين يكتفي نتنياهو بترديد كلام معسول لعائلات المحتجزين، فإنه يجتهد في تخريب أي فرصة للتوصل إلى اتفاق".

وأوضح بيرغمان أنه شارك في جولات تفاوض كثيرة حول محتجزين، وكان من ملاحظاته أنه "عندما تكون هناك فجوات بين الجانبين وتريد أن تُنجح المفاوضات، فإنك تؤكد على القواسم المشتركة في تصريحاتك العامة، أما إذا كنت تريد فشل المفاوضات، فأنت تتحدث علنا عن الفجوات".

وتابع: "ومن الصعب تجاهل حقيقة أن نتنياهو لا يتحدث إلا عن الفجوات، ولذلك يبدو هذا وكأنه طريق مسدود". غير أن هناك مسارا آخر لعقد صفقة مع حماس، وفق الكاتب.

مسار بديل

وقال بيرغمان: "يتعين على بايدن أن يضع جانبا، في الوقت الحالي، الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق شامل بشأن المحتجزين والتركيز على إعادة الأميركيين الأربعة المحتجزين في غزة".

والجدير بالذكر أن هناك 4 أميركيين آخرين احتُجزوا في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولكن تأكدت وفاتهم بعد ذلك.

وأردف أنه "ينبغي أن يفعل بايدن ذلك سريعا قبل أن يُقتَلوا هم أيضا نتيجة لسياسات نتنياهو الأنانية"، مؤكدا على أن "حماية سلامة المواطنين الأميركيين هي أول مسؤولية تقع على عاتق أي رئيس أميركي".

ويقر الكاتب بأن "وضع المحتجزين الإسرائيليين جانبا في الوقت الحالي والسعي إلى اتفاق أصغر بكثير، أمر من شأنه أن يكون مؤلما بكل تأكيد، بل ومعقد أيضا".

وأوضح أن "الولايات المتحدة تعد حماس جماعة إرهابية، وتنتهج سياسة عدم التنازل عندما يتعلق الأمر بالرهائن الأميركيين، وأي مفاوضات لابد أن تكون غير مباشرة".

"وفيما يتعلق بشروط الصفقة، قد يتساءل البيت الأبيض عما يمكن أن يقدمه لحماس في مقابل الأميركيين".

وأشار إلى أنه "على أي حال، لا تستطيع الولايات المتحدة وقف الحرب، وليس لديها أسرى من حماس للإفراج عنهم"، معتبرا أن "الذكاء العاطفي يجب أن يكون مفتاحا هنا".

وأضاف أنه لن يكون لدى الأميركيين ما يقدمونه لحماس، على الرغم من أن المساعدات الإنسانية يمكن أن تكون متضمنة في الصفقة.

"وبدلا من ذلك، سيكون المقابل هو المكاسب الإستراتيجية التي يمكن لحماس تحقيقها من خلال إبرام صفقة مع الولايات المتحدة"، وفق المقال.

لحظة حساسة

ومضى بيرغمان في ادعاءاته قائلا: "فمن وجهة نظر حماس، فإن الاتفاق من شأنه أن يؤجج التوترات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وبالتالي تعزيز مصالح الحركة".

"علاوة على ذلك، من شأن الاتفاق أيضا أن يكشف نتنياهو بصفته معرقلا للصفقة، خاصة أن كل الأميركيين الأربعة المحتجزين في غزة هم أيضا مواطنون إسرائيليون".

وأكد أن "إطلاق سراحهم سوف ينعكس بشكل سلبي على نتنياهو؛ إذ سيؤكد أن بايدن مستعد لفعل المزيد من أجل الإسرائيليين أكثر من رئيس حكومتهم نفسه".

وألمح إلى أنه "بالطبع، قد يصور المعارضون السياسيون لبايدن هذه المبادرة على أنها خيانة لإسرائيل في لحظة حساسة، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024".

"لكن في المقابل، قد تقدّم الإدارة الأميركية حجة قوية فيما يتعلق بمسؤوليتها عن حماية أرواح المواطنين الأميركيين بعد ما يقرب من عام من الدبلوماسية"، وفق المقال.

وأشار إلى أن الاتفاق "قد يجبر نتنياهو على قبول صفقة أكبر لتبادل الأسرى".

وأردف: "ببساطة، قد يكون من المستحيل سياسيا بالنسبة لنتنياهو أن يقف مكتوف الأيدي بينما يتجاوز بايدن دوره ويؤمّن الإفراج عن المحتجزين، ففي هذه الحالة سيكون الضغط من الشارع الإسرائيلي هائلا".

وقال: "لقد كان بايدن صديقا لإسرائيل طيلة حياته السياسية، وسيكون إظهار التوتر والخلاف علنا ​​أمرا خارجا عن شخصيته".

واستدرك: "لكن التوصل إلى اتفاق منفصل لإعادة المحتجزين الأميركيين إلى الوطن لن يؤدي إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، بل إنه بدلا من ذلك سيؤكد مجددا أن المصالح الأميركية لا يمكن أن تخضع لمصالح قوة أجنبية، حتى لو كانت حليفا وثيقا".