إعلام إيراني: إسرائيل ستخرج مهزومة حال تورطها بحرب شاملة في لبنان
"إسرائيل اتخذت نظريا قرار التصعيد مع حزب الله اللبناني"
على الرغم من غرقها في رمال غزة، تهدد إسرائيل بخوض حرب أخرى تستهدف حزب الله اللبناني، الذي تشير جميع التقديرات إلى أن قوته العسكرية تفوق قدرات حركة المقاومة الإسلامية حماس بأضعاف.
ويرى موقع "فرارو" الفارسي أن إسرائيل مستعدة لخوض حرب ضد حزب الله، لكن التقديرات تختلف بشأن حجمها ومدى إمكانية أن تكون شاملة ومفتوحة كما يجرى في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وعبر تحليل للأحداث الأخيرة المتصاعدة بين الطرفين،
واستعراض الواقع الجديد منذ عملية طوفان الأقصى، والغوص في تاريخ الحروب الإسرائيلية مع لبنان، يتناول الموقع فرص فتح الاحتلال جبهة حرب جديدة في الشمال، واحتمالية خروجه منتصرا من تلك العملية.
ويبحث كذلك التحديات والتكاليف المحتملة، لهذا النوع من التصعيد العسكري، على كل من لبنان وإسرائيل.
جبهة مشتعلة
ويشير الموقع إلى أن "إسرائيل اتخذت نظريا قرار التصعيد مع حزب الله اللبناني، إذ وقع كبار قادة قوات الجيش الإسرائيلي على خطة لهذه العملية".
في ذات الوقت، ينقل تصريحا لوزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس قال فيه إنه "سيتم اتخاذ قرار بشأن حرب شاملة ضد حزب الله قريبا".
ويضيف: "يأتي هذا التهديد من جانب وزير الخارجية الإسرائيلي، على الرغم من أن الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة لم تنته بعد".
ويوضح أن “إسرائيل فشلت في تحقيق الهدفين الرئيسين اللذين حددهما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بداية الصراع؛ وهما تدمير حماس، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين الذين تحتجزهم الحركة، وهم حوالي 80 شخصا يُعتقد أنهم مازالوا على قيد الحياة، مع رفات 40 آخرين”.
ويتابع: "منذ الثامن من أكتوبر 2023، أطلق حزب الله صواريخ وقذائف وطائرات بدون طيار عبر الحدود على شمال إسرائيل، وذلك بهدف دعم حماس من خلال تشتيت تركيز الجيش الإسرائيلي عن العمليات في غزة".
"وفي حين أن هجمات حزب الله محدودة نسبيا ولم يتم تنفيذها حتى الآن إلا في مناطق الشمال الإسرائيلي"، كما يفيد الموقع، إلا إنها "أدت في الوقت ذاته إلى تهجير حوالي 60 ألف إسرائيلي يعيشون في المنطقة الحدودية".
وأردف: "لقد سئم الإسرائيليون بشكل كبير من هذا الوضع، ويريدون من حكومة نتنياهو أن تتخذ إجراءات لإجبار حزب الله على الانسحاب من الحدود".
وأدت تصرفات حزب الله الأخيرة إلى مزيد من الغضب الإسرائيلي، إذ نشر الحزب لقطات فيديو لمنشآت عسكرية ومدنية في مدينة حيفا شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، التقطتها طائرة استطلاع بدون طيار على ارتفاع منخفض.
ولم تستهدف مدينة حيفا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة، حتى الآن من قبل حزب الله، ما يظهر خطورة المقاطع الجديدة.
من ناحية أخرى، يذكر الموقع أن "أكثر الشخصيات تطرفا في الحكومة الإسرائيلية، ممثلين في وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي طالبا الحكومة الإسرائيلية علنا بمهاجمة جنوب لبنان".
وبخصوص الموقف الأميركي، أوضح أنها "تشعر بالقلق إزاء خطر فتح تل أبيب جبهة ثانية في صراعها، مما دفع الرئيس جو بايدن إلى إرسال عاموس هوشستين، مبعوثا إلى إسرائيل ولبنان لمحاولة تخفيف التوترات بين الجانبين".
واستطرد: "لكن لا يمكن لهذا المبعوث في لبنان أن يلتقي مباشرة مع زعيم حزب الله حسن نصر الله، لأن الحزب مدرج على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية العالمية".
وللخروج من ذلك المأزق، يشير الموقع إلى أن "هوشستين التقى رئيس البرلمان اللبناني (وزعيم حركة أمل) نبيه بري منذ فترة طويلة والذي يمكنه، بصفته شيعيا، التحدث مع نصر الله".
وأفاد الموقع الفارسي بأن "إيران طلبت من حزب الله الامتناع عن تصعيد التوتر مع إسرائيل، لأن هذا الأمر قد يؤدي إلى تدمير الجزء الأكبر من ترسانة الحزب، حال دخوله حربا مع الاحتلال".
ومع ذلك، رأى أن "درع القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي قد لا يكون فعالا ضد وابل الصواريخ المتطورة وواسعة النطاق التي يمتلكها الحزب".
ولفت إلى أن "إسرائيل كانت بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن، لمواجهة الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل في أبريل/ نيسان 2024، والذي شمل 150 صاروخا و170 طائرة مسيرة".
تجارب التاريخ
ويعود الموقع إلى الوراء، مستذكرا تجارب إسرائيل في الحرب مع لبنان، في محاولة منه لتحذير الاحتلال من مغبة التدخلات العسكرية في بلد الأرز.
فيقول: "بالنسبة للقادة الإسرائيليين الأكثر حكمة الذين يفكرون في التاريخ، فإنهم يرون أن التدخلات السابقة في لبنان لم تكن بلا ثمن".
واستعرض بداية أزمات إسرائيل مع هذا البلد، حيث "أجبر ملك الأردن السابق حسين بن طلال، أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات على الانتقال إلى لبنان، في عام 1970".
وبرر تصرف الملك حسين "كون منظمة التحرير كانت تستخدم المملكة الهاشمية كقاعدة لعمليات المقاومة ضد إسرائيل بعد حرب عام 1967، مما أثار شعورا إسرائيليا بالرغبة بالانتقام من الأردن".
وبحسب الموقع، فإنه “منذ أوائل السبعينيات، شكلت منظمة التحرير الفلسطينية حكومة داخل أخرى في لبنان”.
كما "عملت بشكل مستقل إلى حد كبير عن الحكومة اللبنانية الضعيفة، والتي كانت منقسمة على أسس طائفية، وأدى الوضع إلى حرب أهلية في لبنان عام 1975".
ويكمل: “استخدمت منظمة التحرير جنوب لبنان لمهاجمة إسرائيل، مما دفعها إلى شن غزو محدود على جارتها الشمالية عام 1978، مما أدى إلى طرد الجماعات الفلسطينية شمال نهر الليطاني”.
وكان هذا الغزو ناجحا جزئيا فقط، حيث تحرك المقاومون نحو الحدود واستأنفوا عمليات المقاومة في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف الموقع: “وفي عام 1982، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها مناحيم بيغن إخراج منظمة التحرير بالكامل من لبنان وشن هجوما كبيرا وصل إلى العاصمة بيروت”.
وفي نهاية المطاف، أجبر هذا الإجراء قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والعديد من مقاتليها إلى الانتقال إلى تونس.
لكن كان للحرب على لبنان تداعيات سلبية على أمن دولة الاحتلال، فقد تخلصت تل أبيب بالفعل من منظمة التحرير، لكنها اصطدمت "بتهديد أكبر"، وهو حزب الله.
وأردف الموقع: "كان لهذين الهجومين الإسرائيليين نتيجة غير مقصودة تتمثل في تطرف السكان الشيعة في جنوب لبنان"، وفق تعبيره.
إذ يبين أن "هذا الوضع مكّن إيران في المرحلة الأولى بعد الثورة الإسلامية 1979 من التعاون مع رجال الدين الشيعة في لبنان لتأسيس حزب الله، الذي كان يعد تهديدا أكبر لإسرائيل من منظمة التحرير الفلسطينية".
ولفت إلى أنه "بدعم إيران، ازدادت قوة حزب الله اللبناني خلال السنوات الماضية وأصبح قوة في السياسة اللبنانية".
وجاء عام 2006 ليشهد اختبارا فعليا لقوة الحزب، حيث "تمكن من وقف تقدم الجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان بهدف إنقاذ جنديين إسرائيليين أسرهما الحزب".
ووفقا للموقع، "كانت النتيجة متساوية في الأساس، وبقي هذان الجنديان في الأسر حتى جرى تبادل جثتيهما مع أسرى لبنانيين عام 2008".
ودفعت تلك التطورات إلى “اعتبار العديد من المراقبين العرب في ذلك الوقت، أن حزب الله في لبنان حقق نصرا سياسيا وعسكريا في صراع غير متماثل”.
وأضاف: "كان حسن نصر الله أحد أكثر القادة شعبية في المنطقة لفترة من الوقت أثناء الصراع وبعده".
ولذلك، يثير هذا التاريخ جدلا مستمرا داخل إسرائيل، حول فكرة شن حرب ضد حزب الله.
ويحذر معظم الخبراء العسكريين من اختيار خيار الحرب على جبهتين، حيث لا تزال المقاومة توجه ضربات لقوات الاحتلال المتوغلة في غزة.
وفي معرض تحذيره إسرائيل من الإقدام على عمل عسكري ضد حزب الله، يذكر الموقع عبارة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل التي قال فيها: "أولئك الذين لا يتعلمون من التاريخ محكوم عليهم بتكراره".
ويستشهد بقرار الرئيس الأميركي الأسبق “جورج دبليو بوش”، مهاجمة العراق عام 2003 عندما لم تكن الحرب في أفغانستان قد انتهت، حيث كانت نتيجة هذا القرار مكلفة للغاية بالنسبة للجيش الأميركي وكارثية لكلا البلدين.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى مقولة "مارك توين" الكاتب الأميركي في القرن التاسع عشر: "التاريخ لا يعيد نفسه، لكن صوته يستمر غالبا".