موقع أميركي: لماذا على واشنطن إلغاء قانون قيصر في سوريا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

طالب نائب رئيس المعهد الدولي للصحافة، داوود كتّاب، الإدارة الأميركية بإعادة النظر في "قانون قيصر"، مؤكدا أن الجهة المتضررة منه هي الشعب السوري، وليس رئيس النظام بشار الأسد.

وفي مقال له نشره موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي، أوضح "كتّاب" أنه في أعقاب الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها المجال الجوي التركي مزدحما بالطائرات، بينما لا تكاد توجد طائرة واحدة في المجال السوري.

وأكد المقال أن هذه الصورة تعكس إلى حد كبير ما يحدث تجاه ضحايا الزلزال المدمر الأخير الذي ضرب كلا البلدين، في 6 فبراير/شباط 2023، وقتل وأصيب به عشرات الآلاف.

وأعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في اليوم نفسه، أن المساعدات التي دخلت عبر الحدود التركية - السورية هي مساعدات دورية، توقفت خلال الأيام الأولى من الزلزال، ثم استُؤنفت.

وشدد على أنها "ليست مساعدات ومعدات خاصة لفرق البحث والإنقاذ، وانتشال العالقين تحت الأنقاض"، مؤكدا: "هذا يشعرنا بخيبة أمل كبيرة، في وقت نحن بأمس ما نكون لتلك المعدات التي ستساعدنا على إنقاذ الأرواح من تحت الركام".

ويخالف ناشطون سوريون في مناطق المعارضة هذا الطرح ويقولون إن رفع العقوبات لن يغير شيئا، إذ ستصل المساعدات عبر دمشق التي يسيطر عليها النظام.

ويتهمون الأسد بسرقة المساعدات الدولية وعدم الاكتراث بمصير الشمال السوري الذي يواصل قصفه ليل نهار منذ أن ثار السوريون ضده عام 2011.

ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق شمالاً أكثر من أربعة ملايين شخص، قرابة ثلاثة ملايين منهم في إدلب نصفهم تقريبا نازحون، بينما يقيم 1,1 مليون في شمال حلب.

ووفق المقال فإنه "لا يمكن مقارنة تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتي تتمتع باقتصاد قوي، بسوريا التي تورطت في حرب أهلية مميتة أبقت نظام بشار الأسد في السلطة".

وقال الكاتب: "صحيح أن النظام السوري بقي في السلطة بدعم قوى خارجية، لكن الحقيقة هي أن سياسة العقوبات- وأهمها قانون قيصر الذي ترعاه الولايات المتحدة- كان لها تأثير مدمر على الشعب وليس النظام". وفق زعمه.

قانون قيصر

و"قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" هو قانون اتحادي أميركي، أقره الرئيس السابق، دونالد ترامب، في ديسمبر/كانون الأول 2019، ودخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران 2020.

ويفرض قانون قيصر عقوبات اقتصادية على نظام الأسد وداعميه، بمن فيهم الأفراد والكيانات، الذين يتبين تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان أو تقويض العملية السياسية في سوريا.

وسُمي هذا القانون على اسم حركي لمصور عسكري سوري سابق، انشق عن جيش النظام، وسرّب آلاف الصور التي توثق انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان وفظائع ارتكبتها قوات الأسد.

ويهدف القانون إلى محاسبة حكومة النظام السوري وداعميها على انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق وانتهاكات القانون الدولي التي جرى توثيقها في البلاد على مدار العقد الماضي.

لكن يرى الكاتب أنه "على الرغم من النوايا الحسنة لمن يقفون وراء سن هذا القانون، فقد فشل في إحداث أي تغيير على أرض الواقع".

فلا يزال الأسد في السلطة، مدعوما من إيران وروسيا، ومَن يعاني الأمَرّين بسبب هذه العقوبات هو الشعب السوري نفسه، وفق المقال.

ففي الوضع الطبيعي، يثور الأشخاص الذين فرضت عليهم هذه العقوبات ضد الحكومة التي تسببت فيها.

لكن هذا لن ينجح في سوريا، البعيدة كل البعد عن أن تكون دولة ديمقراطية تهتم بالإرادة الشعبية، حسب "كتّاب".

كما أنه من المؤكد أن النظام الذي اضطهد مواطنيه، ووصل إلى قتلهم، لن يتزحزح عن موقفه إذا احتج الناس على الكارثة الاقتصادية، الناجمة عن العقوبات الأميركية أو غيرها.

ويرى "كتّاب" أن العقوبات المفروضة على الأنظمة غير الديمقراطية غالبا ما تؤذي عموم السكان أكثر من الأنظمة نفسها.

ويرجع ذلك إلى أن العقوبات عادة ما تستهدف الاقتصاد، ما قد يؤدي إلى انخفاض في توافر السلع والخدمات الأساسية، ويسبب التضخم وانخفاض قيمة العملة.

وهذا بدوره يؤثر على القوة الشرائية للمواطنين العاديين، الأمر الذي يُصَعب عليهم الحصول على المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعطل العقوبات التجارة والاستثمار، ما يقود في نهاية المطاف إلى خسارة الوظائف وإلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد، وبالتالي تبدو مهمة الناس لتغطية نفقاتهم أكثر صعوبة.

علاوة على ذلك، غالبا ما تتحكم الأنظمة غير الديمقراطية في توزيع الموارد، حتى تتمكن من استخدام تأثير العقوبات لتعزيز سلطتها وتشديد قبضتها على السكان، وفق قوله.

وفي بعض الحالات، قد يستخدم هذا النظام غير الديمقراطي العقوبات كذريعة لقمع المعارضة السياسية وتقييد الوصول إلى المعلومات والحد من حرية التعبير.

عواقب أخرى

لذلك، وفي حين أن المقصود بالعقوبات هو ممارسة الضغط على النظام وإحداث التغيير، إلا أنه يمكن أن يكون لها عواقب غير مقصودة، وينتهي بها الأمر إلى إيذاء الأشخاص الذين من المفترض أن تحميهم.

وبالحديث عن مستوى المعاناة الإنسانية في سوريا، فقد دفع ذلك الأمم المتحدة إلى دق ناقوس الخطر بشأن الوضع هناك، حتى قبل أن يتسبب الزلزال الحالي في مثل هذه المقتلة واسعة النطاق.

وكان المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيسلي، قد صرح، في 27 يناير/كانون الثاني 2023، أنه "إذا لم نعالج هذه الأزمة الإنسانية (في سوريا)، فإن الأمور ستزداد سوءا لمراحل من الصعب تخيلها".

فبعد 12 عاما من الصراع الوحشي، والاقتصاد الذي أصيب بالشلل بسبب التضخم الجامح، والعملة التي انهارت إلى مستوى قياسي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا يعرف 12 مليون شخص في سوريا كيف سيوفرون وجبتهم التالية، وفقا لمنظمة الأغذية العالمية.

وهناك 2.9 مليون شخص آخر معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع، مما يعني أن 70 بالمئة من السوريين قد لا يتمكنون قريبا من توفير الطعام لأسرهم.

وأكد الكاتب أن الجهود المبذولة لفرض عقوبات اقتصادية على سوريا من جانب الدول الأخرى قد فشلت بالفعل.

فالدول المجاورة والصديقة بشكل أو بآخر - بما في ذلك الحليفة للولايات المتحدة- لم تحترم هذه العقوبات.

وشدد المقال على أن الوقت قد حان لإدارة بايدن لمراجعة سياستها الخاصة تجاه الحكومة السورية، التي لا يتسم نظامها بالديمقراطية بتاتا.

"لكن في مجال السياسة الخارجية، يصعب أن يبني متخذ القرار قراره على عامل واحد فقط"، يضيف الكاتب.

وفي 9 فبراير 2023، دعت وزارة الخارجية الأميركية الأسد للسماح بمرور المساعدات الإنسانية بشكل عاجل من خلال فتح جميع المعابر الحدودية على الفور.

وأكدت الخارجية الأميركية أن هناك عقبات يجب تجاوزها في سوريا لتقديم المساعدات الإنسانية وأن العقوبات ليست من بينها. 

وأضافت: "ممتنون لفتح تركيا المعابر مع سوريا لتصل المساعدات للمناطق التي لا يتحكم فيها نظام الأسد"، مشيرة إلى مواصلتها المطالبة بعدم إعاقة وصول المساعدات الإنسانية.