رغم امتلاكها أوراقا قوية.. لماذا لا تتدخل السعودية لوقف حرب لبنان؟
رجح الموقع فرضية تدخل ابن سلمان إذا تدهور الوضع أكثر في لبنان
تتجاهل المملكة العربية السعودية استخدام أوراق قوتها من أجل إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، بينما تقود جارتها الخليجية الصغرى قطر وساطة من أجل تحقيق ذلك.
ورأى موقع "إنسايد أوفر" أن السعودية تمتلك أوراقا يمكن استخدامها، لكنها لم تمارس “طموحاتها كقوة إقليمية في هذه الأشهر الاثني عشر من الحرب”.
غياب سعودي
وتطرقت في هذا الصدد إلى تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من العاصمة الكويتية في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بالقول إن دول الجوار لن تسمح باستخدام مجالها الجوي في أي هجوم ضد طهران.
وأشار إلى أن احتمالات اندلاع حرب شاملة في المنطقة "واردة" في ضوء التطورات الأخيرة، خصوصا مع تصاعد المواجهات بين إيران وإسرائيل.
وتابع أن هناك احتمالا قويا لاتساع رقعة الحرب لتصبح شاملة على مستوى الشرق الأوسط، إلا أنه شدد على أن دول المنطقة تمتلك القدرة على التحرك لمنع حدوث ذلك.
ومن هذه الدول قد تكون إشارة عراقجي خاصة إلى السعودية بالنظر إلى علاقاتها التاريخية مع لبنان وحقيقة أنها على وشك تطبيع العلاقات بشكل نهائي مع إسرائيل على غرار ما فعله جيرانها مثل البحرين والإمارات عام 2020.
وذلك في إشارة منه ربما إلى عدم توظيف ثقلها الإقليمي للدفع نحو وقف العدوان على قطاع غزة وتهجير أهله وحرمانهم من المساعدات الإنسانية، بينما يواصل الاحتلال ارتكاب المجزرة تلو الاخرى بغطاء أميركي وفي ظل صمت دولي وخذلان وتقاعس عربي.
وباتساع العدوان إلى لبنان وتواصل المعارك بين حزب الله وقوات جيش الاحتلال، يرى موقع "إنسايد أوفر" أن لدى السعودية في الوقت الحالي أوراقا بإمكانها أن تضعها على الطاولة وتستخدمها هناك.
وبينما تقود مصر وقطر جهود وساطة مشتركة بهدف التوصل إلى اتفاق وقف نار في قطاع غزة، تملك الرياض في بيروت "رجالا وقنوات" بمقدورها من خلالهم ممارسة نفوذها، يشير الموقع الإيطالي.
ورجح كذلك فرضية تدخل ولي العهد محمد بن سلمان حال تدهور الوضع أكثر في لبنان.
أوراق قوة
الورقة الأبرز لدى الرياض هي بلا شك، السياسي ورئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري وهو اسم ذو وزن لأسباب عديدة.
خاصة أنه كلف في عدة مناسبات برئاسة الحكومة وكان لسنوات “الممثل الأعلى للسنة في لبنان”، ولهذا السبب جرى تصويره في كثير من الأحيان على أنه مقرب من آل سعود.
كما أنه يحمل الجنسية السعودية أيضًا وذلك لأن والده رفيق الحريري، كان أيضا رجل أعمال مقيما في الرياض لفترة طويلة، بالإضافة إلى أنه كان زعيما سياسيا مهما في لبنان ما بعد الحرب الأهلية.
وبعد اغتياله في بيروت عام 2005، ورث سعد عنه إرثا اقتصاديا وسياسيا ونجح أيضا في خطف الأضواء وعُدّ رجل الوساطة المثالي بين مختلف القوى السياسية والطائفية اللبنانية.
إلا أن الحكومات التي ترأسها فشلت دائما في تأسيس خط سياسي قوي، وفق الموقع الإيطالي.
ومن العراقيل التي جابهها الحريري، ما حدث في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بعد أن تعرض خلال زيارة إلى الرياض للاحتجاز وجرى إجباره على إعلان استقالته في كلمة متلفزة بشكل مفاجئ احتجاجا على سياسة إيران في لبنان والوطن العربي وكان ذلك في ذروة التوترات بين السعودية وإيران.
وبعد تلك الواقعة المثيرة للجدل، أعلن الحريري لدى عودته إلى لبنان التريث في تقديم استقالته بعد ثلاثة أسابيع على إعلانها في الرياض، وذلك استجابة لطلب من الرئيس ميشال عون آنذاك.
وفي عام 2022، أعلن نجل رفيق الحريري اعتزاله العمل السياسي، وهو اليوم يعيش في دولة الإمارات.
وفي ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها المنطقة، شدد "إنسايد أوفر" أن خبرته ووزنه السياسي، فضلا عن جنسيته السعودية، يمكن أن تجعل منه مرة أخرى الرجل المناسب في المكان المناسب ببيروت خصوصا في نظر السعوديين.
افتقاد للرغبة
لفت الموقع الإيطالي إلى أنه "كلما تدهور الصراع وازدادت حدة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، زاد احتمال أن تدعو الأطراف الإقليمية الأخرى، الرياض للتدخل" ولعب دور ربما في وقف الحرب وتجنب توسعها أكثر.
وأشار خاصة إلى إيران التي "تأمل" في إقناع الرياض بعدم السماح للاحتلال الإسرائيلي باستخدام مجالها الجوي لضرب أهداف داخل الأراضي الإيرانية.
ويذكر في هذا الصدد بزيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الرياض في مستهل جولة خليجية خلال أكتوبر وإجرائه محادثات مع ولي العهد محمد بن سلمان.
الكثير من وسائل الإعلام العربية، وفقا للموقع الإيطالي، تعتقد أن إيران ربما طلبت من السعودية التوسط، أو بشكل أعم، أن يكون لها دور أكثر حسما في الملف اللبناني.
وبالإضافة إلى سعد الحريري، وهو اسم مرحب به لدى القيادة الإيرانية، بإمكان الرياض الاعتماد على شبكة كثيفة من الاتصالات تطورت على مر السنين في بيروت وتتشكل من رجال أعمال وسياسيين وأفراد من قوات الأمن.
وفي تساؤله حول التحركات المحتملة لولي العهد السعودي، أجاب الموقع الإيطالي أن الانطباع السائد هو أن الرياض تفتقر، على الأقل في الوقت الراهن، إلى الرغبة في التورط في ملفات شرق أوسطية أخرى، خاصة بعد فشل "المغامرة اليمنية" وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة الحوثي عام 2022.
ويفترض أن تكون إستراتيجية ابن سلمان "الانتظار"، أي مراقبة تطور الأحداث مع الأمل في ألا يتأجج الصراع كثيرا.
لكنه يتوقع أن يُراجع هذه الإستراتيجية إذا تكللت جهود الدبلوماسية الإيرانية في هذه المرحلة بالنجاح، ويشرع في اللعب بأوراقه الخاصة بين السنة اللبنانيين.
وخلص إلى أن هذه الخطوة المحتملة قد تكون الأخيرة التي من شأنها أن تسهم نهائيا في تجنب حرب واسعة النطاق.