أسقط صواريخها المتجهة لإسرائيل.. هل ورط الأردن نفسه مع إيران؟

يوسف العلي | منذ ١٣ يومًا

12

طباعة

مشاركة

على وقع الهجمات الإيرانية التي شنتها على إسرائيل، وتصدي السلطات الأردنية للعديد من المسيّرات فوق أراضيها، تدور تساؤلات ملحة عن مدى وضع الأردن نفسه بهذه الخطوة في مرمى نيران إيران، بعد ضغوطات كبيرة تعرض لها من أذرع طهران في المنطقة.

في 14 أبريل/ نيسان 2024، وبعد يوم من الهجوم الإيراني، أوضحت الحكومة الأردنية، "تعاملها مع أجسام طائرة اخترقت أجواءها، وتصدت لها". 

فيما أكدت وكالة "رويترز"، أن "مقاتلات أردنية أطلقت النار على عشرات المُسيرات الإيرانية في شمال ووسط الأردن وهي في طريقها لإسرائيل".

وأطلقت إيران في 13 أبريل، ما يزيد على 330 طائرة مسيّرة وصاروخا على إسرائيل، ردا على تدمير غارة جوية إسرائيلية في الأول من ذات الشهر، مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، ما أسفر عن مقتل 16 شخصا، بينهم القائد البارز في “الحرس الثوري”، محمد رضا زاهدي.

"الهدف التالي"

وفي تهديد صريح، أبلغ مصدر إيراني مسؤول (لم يكشف عن هويته) وكالة "فارس" الإيرانية أن طهران تراقب عن كثب الأردن الذي قد يصبح "الهدف التالي في حال أي تحرك (لصالح إسرائيل)"، حسبما نقلت "رويترز" في 14 أبريل.

وقبل ذلك، ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية شبه الرسمية للأنباء أن وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني حذر من أن طهران سترد بحزم على أي دولة "تفتح مجالها الجوي أو أراضيها لهجمات إسرائيلية على إيران".

لكن سفارة إيران في الأردن، أصدرت بيانا في 14 أبريل، نفت فيه تهديد بلادها للمملكة، مؤكدة أن التصريحات التي صدرت حول تهديد الأردن “غير صحيحة ومن مصادر غير رسمية”.

وقالت إن "ما صدر عبر وسائل إعلام إيرانية حول الأردن لا يمثل موقف طهران، التي تعبر عن مواقفها الرسمية عبر وزارة الخارجية".

وعلى ضوء هذه التطورات، استدعت وزارة الخارجية الأردنية في 14 أبريل، السفير الإيراني في عمّان، حسبما أعلن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي.

وأوضح الصفدي، خلال تصريحات أدلى بها إلى قناة "المملكة" الرسمية، أن "الوزارة أوصلت للسفير رسالة بضرورة أن تتوقف الإساءات والتشكيك بمواقف الأردن".

وبشأن التهديدات، قال الصفدي: "للأسف كانت هناك تصريحات مسيئة من وسائل الإعلام الإيرانية، بما فيها وكالة الأنباء الرسمية".

وشدّد الصفدي على أن "كل مسيّرة أو صاروخ يخترق الأجواء الأردنية سيتم التصدي له لنحول دون أن يسبب ضررًا في الأردن وتهديدا للأردنيين".

وأضاف: "مشكلة إيران مع إسرائيل وليست مع الأردن، ولا إيران ولا غيرها تستطيع المزايدة على ما يقوم به الأردن وما يقدمه وما قدمه تاريخيا من أجل فلسطين".

وأردف الصفدي قائلا: "ليس سرا أن هنالك قضايا عالقة بيننا وبين الإيرانيين، وكنا واضحين وموقفنا واضح بأننا لا نريد تصعيدا مع إيران، لا نريد توترا معها، وإنما علاقات طيبة وجيدة قائمة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومبدأ احترام الآخر، وأن هناك حوارا أمنيا مع طهران".

ومضى موضحا: "التقيت أنا ووزير الخارجية الإيراني (أمير حسين عبد اللهيان) أكثر من مرة، وكان الحوار بيننا صريحا، نريد علاقات طيبة لكن من أجل أن نصل إلى هذه العلاقات الطيبة يجب أن ننهي أسبابها".

وأكد الصفدي أنه أبلغ الوزير عبد اللهيان أن "بعض من أسبابها مرتبط بممارسات تستهدف الأردن، سواء عبر ما نراه من تهريب للمخدرات والسلاح من سوريا إلى الأردن من جماعات مرتبطة بإيران بشكل أو بآخر".

وخلال اتصاله مع الرئيس الأميركي جو بايدن، في 14 أبريل، قال الملك عبدالله الثاني إن "الأردن لن يكون ساحة لحرب إقليمية"، وحذّر من "تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة والتصعيد المستمر في الضفة الغربية"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية.

ضغوط أميركية

وبخصوص مدى تحول الأردن إلى هدف حقيقي لأذرع إيران بالمنطقة بعد تصديه للمسيّرات الإيرانية، رأى الباحث العراقي، ميثم محمد صاحب، أن الأمر مستبعد في الوقت الحالي، خصوصا مع زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للولايات المتحدة.

وأوضح صاحب لـ"الاستقلال" أن "بايدن وخلال لقائه السوداني بالبيت الأبيض، في 15 أبريل، فإن الأول لا بد أنه ضغط للحصول على تعهدات من الثاني بعدم السماح لمليشيات إيران في العراق بالتصعيد العسكري، وهذا ما ألمح له الإعلام الغربي".

فيما أفادت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في 15 أبريل، بأن "السوداني يزور واشنطن لإجراء محادثات تهدف إلى التركيز في المقام الأول على العلاقات الأميركية العراقية، والتي كانت مقررة قبل وقت طويل من الهجوم الإيراني على إسرائيل".

وأضافت: "لكن هجوم إيران بالمسيرات والصواريخ، والتي حلقت بعضها فوق المجال الجوي العراقي، إضافة إلى عمليات الإطلاق التي جرت من الأراضي العراقية عبر الجماعات المدعومة من إيران، سلطت الضوء على العلاقة الحساسة بين واشنطن وبغداد".

وتحاول مليشيات إيران في العراق إيجاد موطئ قدم لها في الأردن لشن هجمات على إسرائيل، رغم أنها تستطيع قصف الاحتلال عبر الأراضي اللبنانية التي يسيطر عليها حزب الله، أو عن طريق سوريا في المناطق الخاضعة لنظام بشار الأسد، وقريبة من هضبة الجولان المحتلة.

وبين الحين والآخر تعلن المليشيات الشيعية هذه، ‏تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على الاحتلال الإسرائيلي، في سياق الرد على العدوان على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ولعل آخر المحاولات التي صدرت عن هذه المليشيات، هو إعلان "كتائب حزب الله" العراقية في 2 أبريل/ نيسان 2024، أنها جهّزت أسلحة وقاذفات ضد الدروع وصواريخ تكتيكية لـ"مقاتلين"، تحت اسم "المقاومة الإسلامية في الأردن".

وقال المسؤول الأمني للكتائب أبو علي العسكري، إن "المقاومة الإسلامية في العراق أعدت عدتها لتجهيز المقاومة الإسلامية في الأردن بما يسد حاجة 12 ألف مقاتل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات ضد الدروع والصواريخ التكتيكية وملايين الذخائر وأطنان من المتفجرات، لنكون يدا واحدة للدفاع عن إخوتنا الفلسطينيين".

وأكد العسكري في منشور على قناته في تطبيق "تلغرام"، جهوزية "المقاومة في العراق بالشروع في التجهيز"، متابعا "ويكفي في ذلك التزكية من حركة (المقاومة الإسلامية) حماس أو الجهاد الإسلامي، لنبدأ أولا بقطع الطريق البري الذي يصل إلى الكيان الصهيوني".

مساع للاختراق

وبشأن التهديدات والضغوطات المستمرة من إيران وأذرعها على عمّان، قال المحلل السياسي الأردني، عامر السبايلة، إن "الأردن جزء أساسي من تدريبات القيادة الوسطى الأميركية، ودائما ما انخرط في مسار تدريبات حماية الأجواء في سيناريوهات متعددة".

وأضاف السبايلة خلال تصريحات لموقع قناة "الحرة" الأميركية في 15 أبريل، أن "فكرة الخطر القادم عبر الجو وكيفية التعامل معه كان موجودا في السابق بغض النظر عن الجهة المرسلة لهذا التهديد".

فيما يتعلق برسالة التهديد الإيرانية، يرى الباحث الأردني أن إيران ومنذ فترات طويلة تضع المملكة نصب عينها، مشيرا إلى جملة أحداث سابقة بينها تأسيس مليشيات في جنوب سوريا ومحاولة طهران إغراق الأردن بالمخدرات والسلاح. 

السبايلة أكد في ختام حديثه أن “إيران تسعى من وراء ذلك إلى اختراق الأردن وإضعافه وتحويله لمنصة لنقل السلاح”.

ولفت إلى أن "هدف إكمال حلقة إسقاط إسرائيل في المصيدة الإيرانية لا يمكن أن يتم إلا عبر الجغرافيا الأردنية".

وفي أكتوبر 2023، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن "إيران تمكنت عبر شبكة المليشيات الموالية لها، من إنشاء ممر بري عبر العراق وسوريا إلى لبنان، ومن خلال الأردن إلى الضفة الغربية، مما سمح لها بنقل المسلحين والمعدات والأسلحة إلى حلفائها في المنطقة".

فيما يتعلق بالضفة الغربية، أشار تقرير الصحيفة، حينها، إلى أن الأسلحة التي وفرتها إيران كانت تدخل إلى الأردن بشكل غير شرعي ومن ثم تصل إلى الضفة الغربية.

ونقلت عن مسؤول أمني أردني كبير (لم تكشف هويته) قوله إن "شبكات من المهربين آخذة في النمو بمساعدة من الحكومة السورية والمليشيات المدعومة من إيران مثل حزب الله اللبناني".