تغيير الأجندة.. كيف استفاد نتنياهو من الهجوم الإيراني وتضررت رفح؟

15331 | منذ ١٠ أيام

12

طباعة

مشاركة

بعد الغارة الإسرائيلية بطائرات مسيّرة على مطار أصفهان الإيراني، في 19 أبريل/ نيسان 2024، لا يزال من غير الواضح إذا ما كان ذلك سيؤدي إلى تصعيد الصراع.

وقال موقع "تيليبوليس" الألماني إنه "بغض النظر عن الطريقة التي قد يتطور بها الصراع بعد الرد الإسرائيلي المحدود للغاية على إيران، فإن الشيء الواضح والأكيد هو أن ما حدث برمته يصب في مصلحة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

لعبة بالنار

وعقب الهجوم، أكد مسؤولون أميركيون أنهم "أُبلغوا به مسبقا".

وفي السياق، نقل موقع "تيليبوليس" عن مراسل صحيفة "الغارديان" البريطانية، بيتر بومونت، وصفه الهجوم بأنه "لعبة بالنار، حيث تُترك القواعد القديمة لمنطق المواجهة بين إسرائيل وإيران، وتبدأ ديناميكية جديدة غير محسوبة".

وبعد الهجوم الإسرائيلي على المطار الإيراني، لفت الموقع الألماني إلى أن "القيادة الإيرانية حاولت التقليل من شأن الهجمات"، قائلة إن "الطائرات بدون طيار قد أُسقطت".

كما أن مسؤولا إيرانيا رفيع المستوى صرح لوكالة "رويترز" البريطانية بعد بضع ساعات من الهجوم، أن طهران "لا تخطط لأي إجراءات انتقامية فورية ضد إسرائيل".

وعلق "تيليبوليس" قائلا: "رغم أنه لا يزال من غير الواضح كيف سيتطور الصراع، إلا أن شيئا واحدا أصبح واضحا حاليا، وهو أن ما يحدث يصب في مصلحة نتنياهو".

وأوضح أنه "قبل بضعة أيام فقط، كانت نشرات الأخبار مليئة بأنباء المجاعة المتفشية في غزة، كما أن نتنياهو كان يتعرض لضغوط من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسماح بدخول المساعدات الإنسانية الكافية إلى القطاع والتفاوض على وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، فضلا عن السماح بإجراء انتخابات جديدة".

انتقادات تتلاشى

وفي هذا الصدد، أشار الموقع الألماني إلى أن "كل الانتقادات والاستنكار للعمل الإسرائيلي اختفى بعد تلك الهجمات المتبادلة".

وبشأن الانتقادات والضغوط، يعود بنا الموقع إلى "ما قبل بضعة أسابيع، حيث طالب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، تشاك شومر، نتنياهو بالاستقالة".

بالإضافة إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بدأوا في حث بايدن على ربط المساعدة لإسرائيل "بشروط". 

وعلى الصعيد الدولي، أشار الموقع إلى قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر بشأن وقف إطلاق النار.

ولفت إلى أن إدارة بايدن سمحت لهذا القرار بالمرور لأول مرة دون تصويتها ضده، رغم توضيح أنها "لن تتخذ أي إجراء ضد إسرائيل لفرض تنفيذه".

من جانب آخر، في أعقاب الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا، توصلت محكمة العدل الدولية في لاهاي إلى أن "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة".

وبحسب الموقع، طالبت المحكمة حكومة نتنياهو بـ"اتخاذ إجراءات لحماية سكان غزة"، وهو ما لم تلتزم به.

الغرب موحد

في إطار هذه الضغوط والاستنكارات، قال موقع "تيليبوليس" إن "حكومة نتنياهو عزلت نفسها دوليا بشكل متزايد، ومعها إدارة بايدن التي تدعمها دون قيد أو شرط". 

وفي الوقت نفسه، زاد الاتحاد الأوروبي الضغط على الحكومة الإسرائيلية من ناحية أخرى، حيث قُدمت شكاوى ناجحة جزئيا ضد شحنات الأسلحة إلى الدول الداعمة للاحتلال، بما في ذلك ألمانيا. 

وفي هذا السياق، شدد الموقع على أن "أهداف الحرب التي حددتها القيادة الإسرائيلية أظهرت بعد ستة أشهر من القصف والقتال العنيف للقضاء على حماس أنها فاشلة وكارثية من الناحية الإنسانية وغير واقعية".

في المقابل، يرى أن "حماس أظهرت قدرتها على الصمود، كما لم ينقلب عليها السكان الفلسطينيون في غزة ولم يهربوا من المنطقة".

ولذلك، يعتقد الموقع أن "الأمور كانت سيئة بالنسبة لنتنياهو قبل الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في سوريا مطلع أبريل 2024 والرد الإيراني في 13 من الشهر ذاته". 

وفي إطار التصعيد والرد الإيراني على إسرائيل باستخدام 300 صاروخ وطائرة بدون طيار، مع الحرص على عدم إلحاق أضرار كبيرة، "عاد الغرب موحدا مرة أخرى خلف نتنياهو"، في رأي الموقع.

وتابع: "حيث حولت التصعيدات الانتباه من غزة والفشل الإسرائيلي هناك إلى إيران والتهديد الذي تشكله على إسرائيل".

وأكد "تيليبوليس" كذلك أن "العزلة الدبلوماسية اختفت بعد ذلك، على الأقل لدى شركاء إسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا".

وأردف: "فقد جاءت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والأردن وحتى السعودية لمساعدة إسرائيل خلال الرد الإيراني". 

وبشكل عام، في الغرب، أعلن رؤساء الدول والحكومات دعمهم لإسرائيل ونددوا بإيران، بحسب ما ورد عن الموقع.

وبعد أن كان الأمر يتعلق بوقف العدوان على غزة، بات مجلس الأمن الدولي يناقش إدانة إيران، بينما لم يُدن الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية.

وبناء على هذا المشهد، ذهب الموقع إلى أن "غزة ومعاناتها خرجت من دائرة الضوء مع التصعيد ضد إيران". 

وأضاف: "صحيح أن سكان غزة استفادوا من أنهم عاشوا أهدأ ليلة خلال ستة أشهر (من العدوان)، لكن في الوقت نفسه، دُفعت الكارثة التي يحاولون البقاء على قيد الحياة فيها إلى الهامش أيضا".

اثنان من السيناريوهات

وفيما يخص كيفية تقدم الأمور في الصراع الحالي في منطقة الشرق الأوسط، يعرض الموقع سيناريوهين أساسيين في الوقت الحالي.

ويتضمن السيناريو الأول "استمرار التصعيد مع إيران"، بغض النظر عن كيفية تطوره.

مما قد يؤدي -بحسب الموقع- إلى "زيادة رغبة الحكومة الأميركية بشكل خاص في السعي لإنهاء العدوان على غزة". 

وأوضح "تيليبوليس" أن "هذا السيناريو يعتمد على كيفية تطور الضغط على إدارة بايدن لاختيار هذا المسار".

ولفت إلى أن هذا الضغط "قد أُضعف أخيرا بسبب تحويل الأنظار إلى إيران وتغيير الأجندة الإقليمية".

أما السيناريو الثاني، وهو أكثر احتمالا، فهو يتضمن "استغلال نتنياهو وحكومته الحربية للفرصة الحالية للتصعيد في غزة".

فمن وجهة نظر الموقع، "قد يرى نتنياهو أن الوقت قد حان لغزو رفح في جنوب غزة".

وكما ذكرت مصادر عبرية في بداية أبريل/ نيسان 2024، حُدد بالفعل تاريخ لهذه الخطط.

وبشأن العملية العسكرية في رفح، ذكر الموقع الألماني أن "الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية مازالوا يعارضون هذا الأمر".

واتفق الجميع على أن ذلك سيؤدي إلى كارثة إنسانية، إذ إن أكثر من مليون شخص فروا إلى هناك.

لكن الموقع يرى أن الولايات المتحدة يمكنها إبرام نوع من "المقايضة" مع إسرائيل، ضبط النفس في شؤون إيران والمزيد من الحرية في شؤون رفح.