على خطا فيتنام والعراق.. مؤرخ أميركي فلسطيني: هكذا يمكن إنهاء حرب غزة

منذ ١٢ يومًا

12

طباعة

مشاركة

مع تواصل العدوان الإسرائيلي لأكثر من نصف عام، دون وجود أي أفق للتسوية، تتصاعد الأصوات الداعية إلى مزيد من الضغط الشعبي في أميركا لإخضاع إدارة الرئيس جو بايدن الصهيونية لإيقاف نزيف الدماء بغزة.

وفي هذا السياق، دعا البرفيسور رشيد الخالدي، أستاذ الدراسات العربية بجامعة كولومبيا، في حوار مع صحيفة الإندبنتي الإسبانية إلى ضرورة إخضاع المؤسسات الأميركية إلى الرأي العام، أسوة بما حدث لإيقاف حرب فيتنام والعراق.

حرب مفتوحة

خلال الحوار، ندد الخالدي بلا مبالاة الغرب وازدواجية معايير أولئك الذين لا يستطيعون إلا التعاطف مع أحد أطراف الصراع الذي يجر آثاره من الدم والنار منذ قرن من الزمن. وينحدر الآن نحو حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل.

وقالت الصحيفة نقلا عن المؤرخ الفلسطيني الأميركي إن شيئا ما بدأ يتبلور في الأيام الأخيرة، وأيضا في حدود المشهد السياسي الأميركي فيما يتعلق بالصراع في غزة. 

ويعلق بالقول: لقد استغرق إنهاء حرب فيتنام سنوات بعد أن فقدت تأييد الرأي العام لها. واحتجنا إلى سنوات لوضع نهاية لحرب العراق بعد أن انقلب الرأي العام ضدها. 

لقد تحرك الرأي العام ضد إسرائيل خلال هذه الحرب، وإلى حد الآن، لم توقف الولايات المتحدة هذه الحرب ولم تغيّر حتى سياساتها الأساسية. لذا يجب أن تخضع النخبة، والدولة العميقة، والمؤسسة الأميركية إلى الرأي العام. 

وحول الوضع في غزة بعد ستة أشهر من الحرب، قال الخالدي إن الوضع مأساوي للغاية. لقد تفاقمت المجاعة التي خلقها الحصار المفروض من قبل إسرائيل. 

كما أن الدمار فظيع؛ حتى إن أغلب الفلسطينيين لا يعرفون إذا ما كانوا يملكون منزلا للعودة إليه. وتقريبا، يعيش السكان كافة، حوالي مليوني نسمة، في خيام ومنازل مدمرة في الجزء الجنوبي من قطاع غزة. يبدو أن مستوى المعارك قد انخفض، لكننا لا نعرف حتى العدد الدقيق للوفيات.

ويعلق المؤرخ على وعود إسرائيل بتدمير حماس قائلا: لقد حددت إسرائيل مهمتين. الأولى هي تحرير الرهائن؛ الهدف الذي لم تحققه، باستثناء إطلاق سراح حوالي مائة منهم عن طريق وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. 

أما المهمة الثانية فكانت الإطاحة بحماس؛ ومن الواضح أنهم لم يتمكنوا من هزيمة حماس. بالتأكيد، لقد تمكنوا من إضعاف قدراتها القتالية. (...) من الممكن أنهم ألحقوا أضرارا كبيرة بحماس، لكنهم لم يتمكنوا من تدميرها.  

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو يصر على تنفيذ مخطط اجتياح رفح. ويؤكد أن هناك تاريخا لبدء عمليته. في المقابل، أكد بايدن في الأيام الأخيرة أن هناك حاجة إلى وقف إطلاق النار، وأنه يعد إستراتيجية إسرائيل "خطأ".

وعي الأميركيين

في هذا السياق، قال رشيد الخالدي إن التغيير الذي لوحظ في الوقت الراهن في الولايات المتحدة هو وعي الناس بالدعاية والأكاذيب والتشويه المذهل للواقع الذي ساد في الأشهر الأولى من هذه الحرب. 

إن الطبيعة الوحشية التي أظهرتها لإسرائيل في غزة أصبحت جليّة للأميركيين وعلى نحو متزايد. (...) لا شيء يبرر قتل أكثر من 40 ألف شخص، بينهم 13 ألف طفل. 

هناك 33 ألف قتيل وثمانية آلاف مفقود، جميعهم في عداد الموتى بلا شك. لا شيء يبرر ذلك. لا شيء يبرر تدمير البنية التحتية لقطاع غزة. 

لقد دمّرت كل محطة لتنقية المياه، وكل جامعة، وكل محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وكل جزء من البنية التحتية. لا شيء يبرر ذلك. 

إنها جرائم حرب. وأعتقد أن هذه الحقيقة أصبحت واضحة لعدد متزايد من الأميركيين مع مرور الوقت.

وفيما يتعلق باستمرار واشنطن في نقل الأسلحة وإصرارها على دعم إسرائيل؛ أشار المؤرخ إلى أن الأسلحة ستواصل طريقها في الوصول إلى إسرائيل. 

في الحقيقة، على الولايات المتحدة فعل الكثير لتغيير الوضع. لا يكفي منع أن يموت الناس من الجوع. يجب أن تكون هناك عملية لإخراج إسرائيل من غزة، والسماح للفلسطينيين بإقامة إدارتهم الخاصة في قطاع غزة.

وأضاف: أخشى أن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها بصدد حياكة نظام عميل لا يحظى بدعم الفلسطينيين ولن يؤدي إلا إلى تفاقم الصراع. 

لهذا الأمر، هناك الكثير من الأشياء التي يجب على واشنطن فعلها. لكن، لا أعتقد بصراحة أنها ستطبق الكثير منها. وبهذه الطريقة، فإن كل ما لا تفعله يمثل وصفات لمزيد من العنف والمزيد من الصراع.

نقطة تحول

في هذا السياق، أشار الخالدي إلى أن مقتل عمال الإغاثة أمر مؤسف، لكن قتل العديد من المدنيين الفلسطينيين ولم ينبس أحد ببنت شفة. 

وبالنسبة للمؤرخ، يتمثل السؤال المطروح على زعماء العالم في هل ستحاكمون إسرائيل في محكمة العدل الدولية؟ هل سيحاكم مسؤولون ووزراء إسرائيليون أمام المحكمة الجنائية الدولية؟

ويواصل: إذا أقدم زعماء العالم على هذه الخطوات، وإذا فرضت عقوبات على إسرائيل، وإذا توقفوا عن إرسال الأسلحة إليها؛ بهذا الشكل سيكونون قد فعلوا شيئا. 

خلافا لذلك، سيكون قادة العالم متورطين في هذه الجرائم. إن الحكومات التي لم تتخذ خطوات فعلية لوقف توريد الأسلحة، وتقديم الوزراء والجنرالات الإسرائيليين أمام الهيئات الجنائية الدولية، متواطئة في كل هذه الوفيات، بما في ذلك الوفاة المؤسفة لستة أجانب وفلسطيني واحد قُتلوا في هذا الهجوم. 

وكشف المؤرخ أنه تفاجأ عند سماع الرد عن الهجوم على عمال الإغاثة مقارنة بالرد على مذبحة 13 ألف طفل.

إن حياة 13 ألف طفل فلسطيني تساوي أكثر أو تعادل قيمة حياة ستة أجانب. لماذا تعد حياة عدد قليل من الأجانب أكثر أهمية من حياة 13 ألف طفل فلسطيني؟ 

إلا إذا كانت حياة البيض أكثر قيمة من حياة غير البيض، وإلا إذا كانت حياة الأوروبيين أو الأميركيين أهم من حياة العرب. وفي هذه الحالة، نحن لا نتحدث عن نفس المعايير الأخلاقية. لقد عدنا إلى القرن التاسع عشر وإلى النظرة الاستعمارية الكلاسيكية للعالم.

التصعيد مع إيران

حول هذه المسألة، أشار الخالدي إلى أن الجميع في المنطقة قلقون، بما في ذلك الإسرائيليون. لكن، من يجب أن يشعر بالقلق فعلا هم الأميركيون لأن إسرائيل تحاول جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية، وهي نتيجة محتملة لكل هذا. 

وأضاف: إنه من المثير للقلق أن تقوم إسرائيل بكل هذا دون أي توبيخ من أي جهة. إنهم يستخدمون الأسلحة الموردة من جميع أنحاء أوروبا بالإضافة إلى الأسلحة الأميركية في هذا النوع من العمليات. 

وتجدر الإشارة إلى أن الطائرة إف-35، التي من المحتمل أنها استخدمت في بعض هذه الضربات داخل سوريا، تحتوي على مكونات من شركات مصنعة في جميع أنحاء أوروبا. 

ويجب أن يقول شخص ما شيئا، على الأقل طلب عدم استخدام أسلحتهم لبدء الحرب العالمية الثالثة. يجب أن يمنع الغرب استخدام أسلحته لبدء حرب إقليمية. ويجب أن يطالب بعدم استخدام أسلحتهم في أعمال استفزازية وعدوانية وتحريض على التصعيد، مثلما تفعل إسرائيل مرارا وتكرارا في جميع أنحاء المنطقة. 

ويؤكد أن الأمر بيد الولايات المتحدة والحكومات الغربية، التي لا تستطيع إسرائيل أن تفعل أي شيء مما تفعله دونها؛ حيث يجب أن تتحرك فعليا، لأن الكلام غير مجدٍ بالنفع. (...) من الضروري اتخاذ إجراء صارم وحاسم. 

وحول تفعيل حل الدولتين، قال المؤرخ: "في حال عدم وضع نهاية للاحتلال، وطرد المستوطنين، فل نتحدث عن دولة. بالأحرى، فنحن نتحدث عن الوضع الراهن وإعادة تسمية الوضع الراهن القائم على القمع والاحتلال وسرقة الأراضي والمستوطنات غير القانونية على الأراضي الفلسطينية.

وفيما يتعلق بحماس، أشار المؤرخ الأميركي الفلسطيني إلى أن حماس حاملة لراية المقاومة. الاحتلال يولد المقاومة، وهذا ما يولد الدعم لحماس. ومن خلال عدم منح الفلسطينيين أي بديل سوى المقاومة، خلقت إسرائيل دعما لحماس (...).